تمام أبوصافي، صحيفة الأيام 15-3-2015م
«لا تنمية مستدامة في مجتمعاتنا العربية دون ترسيخ مبدأ الانسان اولاً، ولا انسان قادر على تحقيق أي تنمية دون احترام لذاته وحقوقه» وفق هذا المبدأ اوصت اللجنة الدائمة لحقوق الانسان التابعة لجامعة الدول العربية بتحديد يوم 16 مارس من كل عام يوما عربيا لحقوق الانسان.
وإذا كنا نؤمن تماماً ان التقدم بحقوق الانسان لا يتحقق بين ليلة وضحاها، ولا «وصفات» جاهزة قابلة للتطبيق على كافة المجتمعات، الا ان اهمية هذا اليوم في عالمنا العربي تكمن بأن يكون هذا اليوم شاهداً على ما تم تحقيقه من انجازات وتقدم في عدة ملفات.
انتقلنا الى الامانة العامة للتظلمات والتي برز دورها خلال الثلاثة اعوام الماضية عبر زيارات لمراكز الاصلاح والتأهيل ومراكز التوقيف وتلقي الشكاوى حول أي ممارسات لا تنسجم مع مدونة الشرطي واصدار تقارير حملت توصيات واضحة لوزارة الداخلية.
من جانبه قال امين عام الامانة العامة للتظلمات نواف المعاودة ان الامانة باعتبارها اول جهاز من نوعه في المنطقة قد واجهت تحديات تتعلق بكسب ثقة الجمهور الا انها تعمل بإصرار على ترسيخ مبدأ الثقة والشفافية والمساءلة. واشار المعاودة في مقابلة لـ "الأيام" الى ان الامانة العامة قد تلقت خلال الفترة من منتصف العام 2013 وحتى منتصف 2014 ما يصل الى 242 شكوى منها 45 شكوى احيلت الى الجهات القضائية، لافتاً الى الاحصائيات الجديدة ستعلن في التقرير القادم.
واكد المعاودة على ان معظم التوصيات التي تضمنها تقرير الامانة قد قبلت بها وزارة الداخلية، لافتا الى ان جانب كبير مما تلقته الامانة من نزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل والتوقيف والحبس الاحتياطي كانت طلبات معظمها تتعلق بالرعاية الصحية واخرى طلبات تتعلق بحريات فردية مثل الزيارات واكمال التعليم.
وكشف المعاودة عن قبول توصية تنص على استبدال كافة المنشآت ومرافق السجون ومراكز التوقيف بجديدة تراعي المعايير الدولية مشددا على ان المعايير التي تنطلق من خلالها الامانة هي معايير دولية تراعي حقوق الانسان وكرامته.
· كيف تقيمون الدور الذي لعبته الأمانة العامة للتظلمات منذ تدشينها في العام 2013 لاسيما أن هذا الجهاز هو حديث العهد وجاء بعد أزمة شهدتها البحرين في العام 2011؟
- لقد تم إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية ضمن منظومة المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان ذات التخصص النوعي، اذ ظهرت بعد عام 2011، كما جاء إنشاؤها أيضًا تنفيذًا لتوصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وتحديدًا التوصية رقم «1717» والفقرة «د» من التوصية رقم «1722»، وذلك بهدف تعزيز قيم حقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية فيما يخص تعامل منتسبي وزارة الداخلية مع الجمهور، وأيضًا فيما يخص معاملة النزلاء والمحبوسين والمحتجزين، ضمن صلاحيات واختصاصات محددة، تم إقرارها في مرسوم إنشائها وهو المرسوم رقم «27» الصادر في 28 فبراير 2012، المعدَل بالمرسوم رقم «35» الصادر في 28 مايو 2013.
ومنذ فبراير 2012م - تاريخ صدور مرسوم إنشاء الأمانة العامة للتظلمات ومرورًا بشهر يوليو 2013 م، وهو تاريخ تدشينها الرسمي، وصولاً إلى وقتنا الحالي- فقد تمكنت التظلمات خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً بالكثير من الأعمال بمجال اختصاصاتها، ثم لا ننسى ان هذه الفترة شهدت وضع القواعد والمرتكزات الإدارية والإجرائية ووضع نظام العمل بها، اليوم لدينا اول جهاز من نوعه في المنطقة وهذا بحد ذاته تحدياً، كان لابد ان نعمل على كسب ثقة الجمهور، وترسيخ مبدأ الاستقلالية التي تتمتع بها، وتحسين التواصل مع الجمهور، وكيف نتلقى الشكاوى ومتابعتها، وهذا عمل طويل احتاج وضع برامج تطوير وما يمكن الاستفادة به من معايير دولية متبعة في مجالات عمل الأمانة العامة».
· لنكن واقعيين، هناك صورة ذهنية يتم التعاطي عبرها مع كل ما يخص الاجهزة الامنية في الدول العربية ومفادها أن «الأجهزة الأمنية لا تحاسب في حال انتهكت حقوق الانسان، هل استطاعت الأمانة العامة للتظلمات أن تكسر هذا النمط التفكيري كإدارة مستقلة - في دولة خليجية عربية - معنية بالتحقق من أي انتهاكات قد يتعرض لها المواطنون والوافدون في الاجهزة الأمنية أو ما يخالف مدونة سلوك الشرطة؟ وهل تمكنت التظلمات من إيجاد حالة من الثقة لدى الناس أم لا زلتم تواجهون عوائق مبنية على عامل الثقة؟
- منذ اللحظة الاولى لعملنا وضعنا جملة من المبادئ والقيم والعمل على ترسيخها في إطار علاقاتنا بالجمهور، كان لابد من ترسيخ مبدأ الاستقلالية، المصداقية، الحيادية، ضمان المساءلة، الشفافية، وذلك في إطار شامل يهدف إلى احترام الكرامة الإنسانية لكل شخص يعيش على أرض البحرين، من خلال التعامل مع أي خروج على القانون من جانب أيٍّ من منتسبي وزارة الداخلية بكل شفافية، دون ان نسقط من الاعتبار ايضاً حق الضباط والافراد والموظفين بالحماية من اي ادعاءات كاذبة ولضمان الإنصاف ونزاهة التحقيقات. وقد تلقت الأمانة العامة للتظلمات منذ تدشينها وحتى الآن الكثير من الشكاوى وطلبات المساعدة تم التعامل معها ضمن الإطار القانوني المنظم، فمنها ما تم تحويله إلى الجهات المختصة، التي باشرت التحقيق فيها وخلصت إلى نتائج محددة يتم الإعلان عنها بشكل واضح من جانب تلك الجهات، كما تتولى الامانة العامة متابعة النتائج، وابلاغ أطراف الشكاوى وتنظر في إمكانية اتخاذ أي إجراءات إضافية أخرى تكون من ضمن اختصاصاتها وصلاحيتها. اما فيما يخص الثقة فلو نظرنا الى مخطط الشكاوى بحسب الفترات الزمنية التي تم رصدها في التقرير السنوي الاول «2013-2014» نجد ان هناك تنامي الثقة بأهمية الدور الذي تلعبه التظلمات، ثم لا ننسى ان عملية الثقة هي مسألة تراكمية تحتاج للوقت، ونحن بدورنا نسعى لتطوير آلياتنا بشكل دائم».
· العمل في دائرة معنية باستقبال شكاوى ترتبط بانتهاكات حقوقية أو سوء معاملة يحتاج لمهارات في التحقيق ومتابعة وتحقق، لاسيما أن نسبة كبيرة من هذه الشكاوى ربما تأتي من أشخاص هم خلف القضبان، فهل هناك تدريب مستمر للكادر الذي يعمل في الأمانة العامة للتظلمات؟ وهل هناك تعاون مستمر مع إدارات مشابهة في دول أخرى لاكتساب الخبرة؟
- نحن نولي اهتمام كبيراً بموضوع التنمية البشرية من خلال برامج ودورات تدريبية متنوعة ومتعددة من حيث التخصص المهني والخبرات المستفادة والهيئات والمؤسسات المشاركة فيها من داخل وخارج البحرين، وقد بدأنا بهذه البرامج حتى قبل التدشين الرسمي للأمانة، وكان الهدف اعداد الكوادر التي ستعمل في الامانة سواء اداريا او مهنياً، ومهارات تلقي الشكاوى ضد منتسبي الداخلية وتلقي الشكاوى من وزارة الداخلية وكذلك من نزلاء السجون ومراكز التوقيف وأماكن الحبس الاحتياطي، ومعايير وآليات التفتيش وزيارة السجون ومراكز التوقيف. وقد اشتركنا في عقد هذه الدورات مع مؤسسات حقوقية وقانونية مرموقة، حيث ارتكزت خطة الاعداد على تدريب الكوادر البشرية على الخصائص القانونية والحقوقية لطبيعة عملهم. وتنظيم دورات تدريبية متخصصة داخل البحرين من جانب خبراء دوليين والمشاركة في دورات تدريبية متخصصة في بريطانيا والولايات المتحدة. والمشاركة في دورات التفتيش على السجون ببريطانيا. لقد حرصنا على الاستفادة من الخبرات والتجارب الدولية مثل مفتشية جلالة الملكة للسجون بالمملكة المتحدة، أيضًا قامت وفود بعدة زيارات خارجية خاصة لبريطانيا ودول أوروبية أخرى وللولايات المتحدة الأمريكية، ايضا نتواصل مع العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، وعقدنا العديد من اللقاءات والاجتماعات مع بعض البعثات الدبلوماسية الأجنبية الموجودة في البحرين، لبحث سبل التعاون المشترك معها».
· أنتم معنيون بشكل أساسي بالتعامل مع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل، وغالباً فإن هناك حالة شك – ليست بحرينية بل هي حالة شبه عالمية -حول حصول هذه الفئة من الناس على حقوقهم كأفراد – بمنأى عن القضايا التي ادينوا بها -حيث يُنظر الي هذه الفئة من الناس ك »ضحايا مفترضين» لانتهاكات حقوقية، فإلى أي مدى أسهمت تقاريركم السنوية وما تتضمنه من توصيات في تحسين أوضاع نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وضمان حقوقهم؟
- نقوم بالتحقيق في شكاوى نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من السجناء أو المحبوسين أو المحتجزين، سواءً وردت هذه الشكاوى عن طريق أفراد أو منظمات مجتمع مدني، ونتعامل معها تبعًا لآلية العمل الموضوعة والتي تضمن مبدئي المساءلة والشفافية. ايضاً نقوم بدور مهم يتعلق بالتعامل مع النزلاء والمحبوسين والموقوفين، وهو النظر في طلبات المساعدة التي نتلقاها من جانبهم -وهي ليست شكاوى-بل طلبات تتعلق بحريات فردية منها طلبات مثل الزيارات والاتصالات والملابس، مواصلة التعليم، الرعاية الصحية، وغيرها من الطلبات التي تخص ظروف بعض النزلاء والمحبوسين، وبدورنا نقوم بالتعاون مع ادارة الاصلاح والتأهيل بتسوية الكثير من هذه الطلبات والاستجابة لها طالما كانت ضمن اختصاصاتها القانونية والتنفيذية. ولو عدنا الى تقارير الامانة العامة التي تشكل مرجعية مهنية نجد على سبيل المثال تقرير زيارة سجن جو التي صدر في سبتمبر2013م، 13 توصية عامة، و5 توصيات تتعلق بالرعاية الصحية. بالإضافة إلى ذلك فقد تناولت تقاريرنا وضع مبادئ ومعايير لزيارات السجون وأماكن الحبس الاحتياطي، بالاستناد على المعايير الدولية المتبعة في هذا المجال والتي تضمن جملة من المعايير والمؤشرات ذات الصلة بالمعاملة الإنسانية وحالة المكان، وكذلك الحقوق والضمانات ومستوى الرعاية الصحية المقدم للنزلاء والمحبوسين، وهي الأولى من نوعها في المنطقة، وقد قام المجلس الأعلى للقضاء في اجتماعه الخامس يوم 15 أبريل 2014م بالتصديق على هذه المبادئ والمعايير من أجل توحيد المعايير المطبقة في الشأن المتصل بالسجون بين القضاء والأمانة العامة للتظلمات».
· ما هي تقديراتكم حيال ما أُنجز من التوصيات التي تضمنتها تقاريركم السنوية فيما يخص مراكز الإصلاح والتأهيل؟
- بشكل عام يمكن القول بأن وزارة الداخلية قبلت التوصيات التي رفعتها الأمانة العامة للتظلمات في تقريرها السنوي الأول الصادر في مايو الماضي، والتي تضمنت أيضا متابعة تنفيذ التوصيات السابقة التي وردت في تقرير زيارة سجن جو في سبتمبر 2013م، حيث تقوم الوزارة حالياً بإعداد خطة لتنفيذ التوصيات على مراحل، وقد تم الأخذ ببعض التوصيات العامة منها على سبيل المثال: الإعلان في نوفمبر 2013م، عن تنفيذ توصيته المتعلقة بفصل النزلاء من ذوي الفئة العمرية من 16 إلى 18 سنة في «عنابر» وزنازين مخصصة لهم وحدهم بسجن جو، وكذلك قيام وكيل وزارة الداخلية يوم 22 فبراير 2015م بزيارة تفقدية إلى إدارة الإصلاح والتأهيل وذلك للاطلاع على المنشآت الحديثة لمراكز إصلاح وتأهيل النزلاء، وذلك ضمن مشروع استبدال المباني والمرافق الموجودة حاليًا في مراكز الإصلاح والتأهيل واستبدالها بأخرى جديدة تراعي المعايير الدولية فيما يتعلق باشتراطات الأمن والسلامة وظروف المعيشة، وتوافر مرافق تعليمية وتأهيلية، مع ضمان تمتع النزلاء بحقوقهم القانونية والصحية والإنسانية. ايضا استجابت إدارة الإصلاح والتأهيل للعديد من التوصيات الخاصة التي قدمتها وتتعلق بطلبات مساعدة مقدمة من بعض النزلاء والمحبوسين احتياطيا. اود ان اشير هنا الى اننا نقوم ايضا هنا بمراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف تتكامل مع جهود مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين التي تقوم بدورها بزيارات لمقار الاحتجاز، ومنها زيارة لمركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف في أبريل 2014م تم إصدار تقرير بشأنها، احتوى أيضا توصيات تصب في صالح تحسين أوضاع نزلاء مراكز الاصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي».
· «تخرج بين الحين والآخر مزاعم حول تعرض موقوفين على خلفية قضايا أمنية لسوء معاملة، هل يتم التحقق من هذه المزاعم أم أن التحقق مرتبط بتقدم الفرد الذي وقع عليه الضرر بشكوى؟
- نتلقى الشكاوي من الافراد والمنظمات وكذلك نقوم بالمبادرة بالتحقق احياناً ببعض الوقائع التي تؤثر في ثقة الجمهور بمنتسبي وزارة الداخلية، وفي كل الأحوال يتم تحرير استمارات الشكاوى ومذكرات التحقيق بحسب ما يرد ما أقوال أو ادعاءات على لسان أصحابها سواء تعلقت هذه الأقوال والادعاءات بمسألة التعذيب أو غيره من المسائل، ثم يسير التحقيق في هذه الشكاوى ضمن مخطط مهني محدد، نقوم على ضوئه بإبلاغ الجهة المختصة بوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المشكو في حقهم من منتسبي الوزارة أو إبلاغ النيابة العامة أو وحدة التحقيق الخاصة، في الحالات التي تشكل جريمة جنائية، وتتخذ توصيات إدارية بغرض الحفاظ على الأدلة خلال التحقيقات التي تجريها، مع إبلاغ كل من صاحب الشكوى والمشكو في حقه ببيان كافٍ يتضمن الخطوات المتخذة في التحقيق بالشكوى والنتائج التي خلص إليها، بجانب ذلك تحرص الأمانة العامة على متابعة مجريات التحقيق في الشكاوى الجسيمة من أجل الاستفادة من ملابساتها والوقوف على أسبابها ومن ثم إمكانية تقديم توصيات لتلافي تكرارها في المستقبل، ومثال ذلك إحدى القضايا التي قامت الأمانة العامة للتظلمات مؤخرًا بالتحقيق فيها بجانب وحدة التحقيق الخاصة - والتي يتم تداولها حاليًا أمام المحكمة الكبرى الجنائية- ففي تلك القضية تحديدًا ظهر دور المتابعة الذي نقوم به حيث تواصلت جهودنا فيما يتعلق بالجانب الإداري والإجرائي في القضية المذكورة طبقًا لمبدأ ضمان المساءلة، ولإيجاد آليات عملية تعزز الضمانات والحقوق القانونية للمحبوسين احتياطيًا وللنزلاء الصادر ضدهم أحكام قضائية، وتضمن كذلك عدم تعرضهم لإجراءات أو ممارسات تدخل في نطاق التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة»، وقدمت توصية تنص على «منع أي من أفراد السلطة العامة أو مأموري الضبط القضائي من الاتصال أو سؤال أيٍ من المحبوسين احتياطيا أو النزلاء الصادر ضدهم أحكام قضائية إلا بإذن من النيابة العامة»، وقد استجابت وزارة الداخلية لهذه التوصية، حيث تفضل وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، بالأخذ بها وأصدر قرارًا بذلك رقم «217» لسنة 2014م. وهذا نتاج للتعاون المستمر والوثيق بين الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة فيما يتعلق بالتحقيق في مثل هذه القضايا، وكان قد سبق للجانبين التوقيع على مذكرة تفاهم في يوليو 2013م وذلك تطبيقًا لأحكام القانون وفي إطار التزام مملكة البحرين بالاتفاقيات والعهود والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وضمانات المتهم، وبالأخص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.
· يقدر عدد الأجانب في البحرين بحوالي نصف سكان البلاد، وبالتالي هناك نزلاء في مراكز الاصلاح وكذلك موقوفون من جنسيات أجنبية، فهل تم الاطلاع على أوضاعهم خلال زيارتكم لمراكز الاصلاح لضمان انهم يحصلون على حقوقهم؟ وهل تلقيتم أي شكاوى من وافدين؟ هل لديكم قنوات تواصل مع سفارات الدول التي لديها جاليات كبيرة في البحرين؟
- نحن نقدم خدماتنا للمواطنين والمقيميين والزائرين للمملكة بغض النظر عن جنسياتهم بكل ما يتعلق بالشكاوى ضد منتسبي وزارة الداخلية. وبالنسبة للنزلاء الاجانب فأننا حرصنا في زيارة لسجن جو في سبتمبر 2013على الالتقاء بأفراد منهم -ضمن عينة النزلاء العشوائية التي تم اختيارها لسؤال أفرادها حول ملاحظتهم بشأن ظروف وحالة بقائهم في مقار احتجازهم-كما تلقينا بعض الشكاوى من هؤلاء تضمنت طلبات مساعدة تم في كثير من الأحيان الاستجابة لها من جانب الإدارة المختصة بوزارة الداخلية. أضف الى ذلك فان مبادئ ومعايير الأمانة العامة للتظلمات في زيارة السجون ومراكز الحبس الاحتياطي تحوي مؤشرات خاصة للتعامل مع النزلاء والمحبوسين الأجانب تهدف إلى التأكد من ضمان التقائهم مع محاميهم وممثلي بعثاتهم الدبلوماسية المعتمدة في البحرين، وضمان توافر خدمات الترجمة لهم، وكذلك لضمان توافر نشرات الحقوق والضمانات بلغات يفهمونها، إلى جانب المؤشرات العامة التي تضمن جملة من الحقوق للنزلاء والمحبوسين والمحتجزين كافة سواء كانوا مواطنين أم أجانب. كذلك نهتم بالتواصل مع ممثلي الجاليات الأجنبية المقيمة في البحرين، وتعريفهم بمهامها، وكذلك بيان حقوق أفراد هذه الجاليات القانونية فيما يخص تعامل منتسبي وزارة الداخلية معهم، ضمن نطاق مهامها، وقد ظهر ذلك بالتزامن مع التدشين الرسمي للأمانة العامة، حيث قام أعضاء منها بزيارات لعدة سفارات، في إطار التواصل مع ممثلي الجاليات الأجنبية المقيمة في البحرين في يوليو 2013م واستمرت تلك الزيارات واللقاءات حيث عقدنا ندوات حضرها سفراء دول اجنبية وابناء من الجاليات الاجنبية ومنها الهند والفلبين وباكستان حيث تم فيها تعريف أفراد هذه الجالية بحقوقهم القانونية فيما يخص تعامل منتسبي وزارة الداخلية معهم، ضمن نطاق ومهام الأمانة العامة.
· ما هي طبيعة أكثر الشكاوى التي تتلقاها الأمانة العامة للتظلمات؟ وما هو العدد الإجمالي للشكاوى التي تلقتها الأمانة العامة للتظلمات منذ تأسيسها وحتى الان؟
يمكن القول إن التحقيقات التي أجرتها الأمانة العامة للتظلمات أشارت إلى عدة أنواع من الأفعال المؤثمة والمخالفات التي انطوت عليها الادعاءات المقدمة في استمارات الشكاوى، لذلك فقد تعددت أيضًا نتائج تلك التحقيقات، فمنها ما أُحيل إلى وحدة التحقيق الخاصة أو النيابة العامة، ومنها ما أُحيل إلى النيابة العسكرية بوزارة الداخلية، ومنها ما تم إصدار توصيات بشأنها، أُبلغت بها الجهات المعنية ولاسيما الشكاوى المتعلقة بمراكز الإصلاح والتأهيل، ومنها ما تم حفظه للعديد من الأسباب القانونية كعدم وقوع فعل مؤثم أو عدم الاختصاص.
والملاحظ أن أغلب الشكاوى التي تلقتها الأمانة العامة للتظلمات في مجال مراكز الإصلاح والتوقيف على سبيل المثال تعلقت بالرعاية الصحية بالإضافة إلى طلبات فردية أخرى، الأمر الذي قامت الأمانة العامة على ضوئه بإصدار توصيات محددة في هذا الشأن.
أما فيما يتعلق بعدد الشكاوى التي تلقيناها فقد أشار التقرير السنوي الأول للأمانة والذي غطى الفترة من يوليو2013 حتى أبريل 2014م إلى تلقي «242» شكوى، تمت إحالة «45» منها إلى الجهات القضائية المختصة، أما الشكاوى المرصودة في الفترة من مايو2014م وحتى الآن فسوف يتم الإعلان عنها في التقرير السنوي الثاني 2014-2015م المزمع إصداره في الفترة المقبلة بمشيئة الله تعالى، حيث إن الأمانة العامة للتظلمات وضعت منهجية في الإعلان عن أرقام الشكاوى والإجراءات المتخذة بشأنها تتمثل في بيانها من خلال التقرير السنوي الذي يصدر في كل عام، حيث ان آلية العمل لا تقتصر على تلقي الشكاوى فقط بل تمتد أيضا للتحقيق فيها وتحويلها للجهات المختصة ومتابعتها لدى تلك الجهات وهذه العملية تأخذ في بعض الحالات وقتا طويلا نسبيا».
· لدينا في البحرين مؤسسة وطنية لحقوق الانسان ولديها شكاوى تتعلق بانتهاكات حقوقية، الى أي مدى لديكم تعاون مع المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان؟
- بالطبع توجد علاقة تعاون بين الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في القضايا والشكاوى التي تدخل ضمن اختصاصات الأمانة العامة فيما يخص منتسبي وزارة الداخلية، وكذلك اختصاصاتها في مراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف، وهذا التعاون يعد تجسيدًا وتنفيذًا لمذكرة التفاهم الثنائية التي تم توقيعها بين الجانبين في ديسمبر 2013م، سعياً لترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، وتبادل الخبرة في هذا المجال، والعمل على تعزيزها وتشجيعها ونشرها، وتوفير التسهيلات التي من شأنها المساهمة في تحقيق الاهداف التي نسعى اليها، بالإضافة إلى تفعيل التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بتلقي الشكاوى الماسة بحقوق الإنسان، وتفعيل التعاون من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتوعية أفراد المجتمع من خلال إقامة المؤتمرات والندوات، وورش العمل، وإعداد البرامج التدريبية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ولا ننسى اننا قد حصلنا بالمناصفة مع المؤسسة الوطنية على»جائزة شايو» لتعزيز حقوق الانسان في منطقة الخليج العربي للعام 2014م، والتي قدمتها مندوبية الاتحاد الأوروبي في الرياض، في حفل أقيم في ديسمبر الماضي بحضور سفراء الدول الأجنبية وعدد من المهتمين بمجال حقوق الإنسان، قال فيه سفير مندوبية الاتحاد الأوروبي في الرياض آدم كيولاخ «إن المؤسستين بذلتا جهودًا في تعزيز حرية التعبير وتوفير حياه أفضل للمواطن وقدمتا توصيات للحكومة وللجمعيات لتطبيق هذه التوصيات على أرض الواقع»، منوها إلى «أن تحقيق ذلك يعد إنجازا كبيرا ومؤشرا يوضح حجم الثقة الكبيرة التي تحظى بهما لدى المجتمع الدولي وهو ما يعكس مدى شفافية مملكة البحرين في أن تطرح موضوع حقوق الانسان ليس داخل المملكة فقط بل أيضا للعالم».
· تعتبر تجربتكم مهمة جداً في المنطقة العربية، هل هناك دول عربية أخرى اطلعت على تجربتكم سعياً للاستفادة منها؟
- لقد حرصنا على التواصل الإيجابي والمستمر مع العديد من الجهات والمؤسسات التي تهتم بمجال عملها ولاسيما تلك التي تعمل في مجال حقوق الإنسان أو ترتبط به، كما شهدت الفترة الماضية، العديد من اللقاءات مع وفود خليجية وأجنبية بالمنامة، تم فيها مناقشة أوجه التعاون المشترك في مجال التدريب وتبادل الخبرات، وتنسيق الزيارات وجولات العمل الخارجية، فعلى سبيل المثال تم الالتقاء في مايو الماضي بأعضاء من النيابة العامة بدولة قطر الشقيقة، كذلك تم الاجتماع بوفد يمثل إدارات الإصلاح والتأهيل بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، زار مملكة البحرين للمشاركة في فعاليات «أسبوع النزيل الخليجي الموحد الثالث « بعنوان «خذ بيدي نحو غد أفضل»، والذي أقيم في الفترة من 7 وحتى 10 ديسمبر الجاري، أيضًا استقبلت الأمانة العامة للتظلمات في ديسمبر الماضي وفدًا من أعضاء الادعاء العام بسلطنة عمان الشقيقة، وفي نفس الإطار تم الالتقاء في يناير الماضي مع أعضاء من النيابة العامة بدولة الإمارات العربية الشقيقة، وتم في كل تلك الاجتماعات تعريف الوفود الزائرة بمهام الأمانة العامة للتظلمات واختصاصاتها باعتبارها الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي، وكذلك آلية التحقيق في الشكاوى الواردة إليها، وعلاقاتها بالجهات الأخرى ذات الصلة بعملها، ضمن إطار يسعى لتعزيز حقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية في العمل الشرطي.