الشريط الإخباري

التظلمات توضح جملة من الحقائق بشأن الادعاءات والمزاعم المغلوطة لجمعية الوفاق


تابعت الأمانة العامة للتظلمات ما نُشر في إحدى الصحف المحلية في عددها رقم 4357 يوم الثلاثاء 12 أغسطس 2014م، من مزاعم مغلوطة دأبت "دائرة الحريات وحقوق الإنسان" بجمعية الوفاق على إطلاقها في الحديث عن الأمانة العامة للتظلمات، وخاصتًا في ورقة صدرت منها بتاريخ 11 أغسطس 2014م، وشملت العديد من النقاط غير الموضوعية ذات البعد الشخصي والتوجه المسيس، وحرصًا من الأمانة العامة للتظلمات على توضيح الحقائق لأفراد الجمهور الكريم كونه هو المستهدف من الخدمات التي تقدمها في مجال تلقى الشكاوى ضد منتسبي وزارة الداخلية وبما يضمن تعزيز قيم حقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية فإنها تؤكد على ما يلي:

تستغرب الأمانة العامة للتظلمات من إصرار جمعية الوفاق المتواصل على انتقادها بشكل بعيد عن المهنية أو الحيادية ولا يستند على أي حجج موضوعية يمكن قبولها أو التفاعل معها والرد عليها، ما يدخل في خانة المهاترات السياسية، بهدف الترويج للموقف المسبق الذي تتبناه الجمعية من الأمانة العامة للتظلمات هو ما بدا جلياً من خلال التشكيك فيها في أكثر من مناسبة، منها ما حدث بعيد تدشين الأمانة بوقت قصير جدًا حين خرجت الوفاق يوم 24 يوليو 2013م لتزعم أن الأمانة العامة هي من ضمن " مفوضيات ومكاتب شكلية لحقوق الإنسان" كما قالت أيضا :" يتحول الأمبوسمان (الأمانة العامة للتظلمات) في هذه الأجهزة إلى مكتب علاقات عامة آخر لتلميع الأجهزة الأمنية"، بدوره تحدث المسئول في الجمعية السيد هادي الموسوي في مؤتمر صحفي نشر يوم 8 يوليو 2014م مطلقا عن الأمانة العامة العديد من المغالطات والادعاءات التي لم تستند على منطق يعتد به، مما يدل على وجود موقف سلبي مسبق لدى الجمعية تجاه الأمانة العامة، وأن الموضوع لا يتعلق بتقييم العمل أو الأداء على أسس مهنية قانونية، الأمر الذي لم يراعي أبدًا مصلحة أفراد الجمهور الكريم ممن يسعون لتقديم ما لديهم من شكاوى تتعلق بممارسات ببعض منتسبي وزارة الداخلية بحثًا عن الإنصاف والعدالة، وهو الدور الذي تحرص الأمانة العامة للتظلمات على القيام به، من منطلق دورها في خدمة أي شخص من المواطنين أو المقيمين ممن لديهم شكاوى أو تظلمات، في حدود صلاحياتها واختصاصاتها، مقدمة الجانب الإنساني على ما دونه من جوانب، مدركة في الوقت ذاته أن عليها بذل المزيد من الجهود لتجويد مستوى عملها وهو أمر طبيعي في أي مؤسسة خدمية في أي مكان بالعالم.

إن الهجوم الممنهج الذي تتبناه جمعية الوفاق ضد الأمانة العامة للتظلمات ينبع من موقف الجمعية المبدئي الرافض لوجود أي نموذج مؤسسي ناجح، متجاهلة تمامًا الأثر السلبي الذي يحدثه هذا النهج في حرمان المواطنين من حقوقهم ودفعهم لليأس من أي فكرة إيجابية، كما وأنه للأسف الشديد يتبع هذا النهج الهجومي منطق اللامنطق، حيث لم يستند حتى في أسلوب الكتابة على أي وحدة في بنية الموضوع أو النقاط المطروحة، فالأسلوب يفتقر للرصانة، ويتخبط يمنة ويسرة، يتناول نقطة معينة ويعطي انطباعا وحكما ذاتيًا فيها، ثم يعود للحديث عن نقطة أخرى ومن ثم يعود للحديث عن الجزئية الأولى وهكذا دواليك، كما استخدمت الوفاق في هجومها على الأمانة العامة الألفاظ الإنشائية من قبل (عوار كبير- مجرد أحلام – شعورًا بغياب الفهم العميق لانتهاكات حقوق الإنسان...إلخ) وهو ما لا يتصور القبول به عند الحديث عن انتقاد قانوني يفترض أنه منظم ودقيق ويركز على الاستنتاجات الواقعية.

دلت مزاعم جمعية الوفاق بحق الأمانة العامة للتظلمات على جهل أو تجاهل عميق للأسس القانونية التي شكلت مراحل تأسيسها رغم كل ما نشر وما قيل وما تم الإعلان عنه داخلياً وخارجياً بشأن مهام واختصاصات وصلاحيات الأمانة العامة طيلة أكثر من عام كامل، وفي وسائل الإعلام كافة، الأمر الذي جعل الوفاق تعيد مراراً وتكرارًا التطرق إلى نقاط بداهية، وتحورها بشكل مخالف لدلالاتها الحقيقية ومثال ذلك قلبها للحقائق عند الحديث عن المرجعية الأولى لتأسيس الأمانة العامة للتظلمات وهي توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (لجنة بسيوني) وتحديدًا التوصية رقم (1717) التي تنص بالحرف على:" اعتبار مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية وحدةً منفصلةً مستقلة عن التسلسل الهرمي داخل الوزارة على أن تشمل مهامه تلقي الشكاوى والمظالم مثلما هو الحال في بلدان مختلفة. ويجب أن يكون مكتب المفتش العام قادرًا على استقبال شكاوى الأفراد والمنظمات، وحماية سلامة وخصوصية المشتكين، والقيام بتحقيقات مستقلة، وعلى أن تُكفل لهذا المكتب صلاحية القيام بإجراءات تأديبية وجنائية وفقاً لما نصت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وقانون العقوبات البحريني. ويقع على عاتق هذا المكتب أيضاً تبني وتطبيق المعايير المهنية للشرطة، وتنفيذ تدريب قانوني وتوعية لضباط الشرطة".
ما يعني أن المرجعية الأولي لتأسيس الأمانة العامة للتظلمات وهي توصية رقم 1717 من توصيات لجنة بسيوني لم تتطرق من قريب أو بعيد للافتراضات التي تطرحها جمعية الوفاق مثل: (أسلوب تعيين الأمين العام ونائبه – خضوع الأمانة العامة لسلطة تشريعية – مخالفة الأمانة العامة لمبادئ باريس – اعتبارها منظمة مراقبة مؤثرة) وهي افتراضات وشروط لإنشاء الأمانة العامة من نسج خيال الوفاق ليس لها أي علاقة بما حددته توصية بسيوني، حيث إن كل ما ورد في التوصية المذكورة تم تنفيذه بالضبط.

عمدت الوفاق إلى الخلط المتعمد في الحديث عن مهام واختصاصات الأمانة العامة للتظلمات، وأشارت أكثر من مرة إلى ما يجب أن تكون عليه الأمانة العامة – طبعا من وجهة نظرها – باعتبارها منظمة مراقبة مؤثرة، متجاهلة أن الأمانة العامة للتظلمات ليست منظمة غير حكومية NGO بل هي جهاز تنفيذي مستقل، لا يلعب دور سياسي بل عمله ينصب بالأساس على الجانب القانوني ومن خلال إطار مؤسسي محدد، وهو قائم على الأدلة والإثباتات والبراهين والنصوص القطيعة وليس على الأحكام القيمية الذاتية، الأمر الذي يعرفه الطالب المبتدئ في أي كلية حقوق، كما أن منظومة عمل الأمانة العامة مرتبطة بشبكة أوسع تضم جهات أخرى مثل: النيابة العامة – وحدة التحقيق الخاصة – إدارة النيابة العسكرية بوزارة الداخلية – لجان التأديب الإداري – إدارات وأجهزة وزارة الداخلية المختلفة – غيرها من الجهات ذات الصلة بعمل الأمانة العامة)، ولذلك فإن أي مخرجات لعملها ترتبط بتلك الجهات، وليس لها أن تتعدى على دور أو مهمة أو صلاحية أي جهة أخرى ولاسيما إذا كانت من الجهات التابعة للسلطة القضائية التزامًا منها بمبدأ الفصل بين السلطات وهو من المبادئ الدستورية الرئيسة سواء المكتوبة أم العرفية في أي دولة من دول العالم.

ركزت الوفاق على انتقاد التعيينات التي تمت بالأمانة العامة للتظلمات وخصت بالانتقاد الأمين العام ونائبه، تحت حجة واهية وهي أنهما "كانا في النيابة العامة ولم يُعرف لهما نشاط عام سابق خارج وظيفتهما في مجال حماية حقوق الإنسان"، والحقيقة أن ما زعمته الوفاق بهذا الشأن يحسب في صالح موظفي الأمانة العامة ولاسيما الأمين العام ونائبه ولا يحسب ضدهما، فكونهما لم يُعرف عنهما نشاط عام سابق خارج وظيفتها في مجال حقوق الإنسان لهو أكبر دليل على حيادهما واستقلالهما الفكري والأيديولوجي، فليس لهما أي توجه سياسي مسبق وهما لا يعملان طبقًا لانطباعات ذاتية مسبقة ولا ينتميان لأي تنظم سياسي أو أهلي بحيث يمكن الادعاء بأنهم يحابيان توجه معين، كما إن موضوع عملهما السابق في النيابة العامة هو أيضا ميزة إيجابية لهما كونهما متمرسين في القانون وأعمال القضاء، ثم إن مسألة تعيين الأمين العام للتظلمات ونائبه ليس لها أي علاقة بأسس النقد الموضوعي المحايد، لأن آليات العمل في الأمانة العامة يحددها الإطار القانوني لها وهو المرسوم رقم 27 لسنة 2012 المعدل بالمرسوم رقم 35 لسنة 2013م، ما يشير إلى أن انتقاد الوفاق لهما هو انتقاد شخصي يؤكد سوء النية المتعمد، بل تعدى الأمر أكثر من ذلك لتجعل الوفاق من نفسها وصية على طريقة تعيين الموظفين بحيث تحدد هي بالطريقة التي تريدها وبالأسلوب الذي تريده الأشخاص الذين تريدهم، ولم يخفف من ذلك كله حديثها عن اللائحة الداخلية للمعهد الدولي لمكاتب أمناء التظلمات (IOI) من خلال الإيحاء بأن المعهد المذكور يشترط قطعًا أن يكون تعيين الأمين العام للتظلمات من خلال البرلمان أو على الأقل من خلال الحصول على موافقة البرلمان وهو ما ينافي الواقع الفعلي، حيث إن الكثير من أمناء التظلمات على مستوى العالم يتم تعيينهم من جانب السلطة التنفيذية، فذلك أمر سيادي يتعلق بكل دولة على حدة، ومثال ذلك طريقة تعيين رئيس المفوضية المستقلة لشكاوى الشرطة ببريطانيا ( IPCC) حيث يتم تعيينه من جانب الملكة بترشيح من وزير الداخلية، كما أن ميزانية المفوضية تُعتمد من ميزانية وزارة الداخلية البريطانية، وهي في نفس الوقت مستقلة، كما هو الوضع بالنسبة للأمانة العامة للتظلمات بالبحرين.
وفي نفس السياق فإن الحصول على عضوية المعهد الدولي لمكاتب أمناء التظلمات (IOI) ليس بالأمر السهل حيث لابد من انطباق العديد من الشروط لقبول الانضمام والحصول على العضوية، بالإضافة الى تخطي العديد من الاختبارات التي تضمن فعليًا استيفاء هذه الشروط ومن أهمها تحقق الاستقلالية وعدم وجود توجيه من أي مؤسسة أخرى على عمل أمين التظلمات وهو ما تجاهلته الوفاق وركزت فقط على آلية اختيار الأمين العام، وهو أمر أيضًا موضح من خلال الشروط الواردة في المقدمة التعريفية للمعهد وليس فقط في اللائحة الداخلية، ومنها أن يكون أمين عام التظلمات:
1. منتخبًا من قبل السلطة التشريعية.
2. أن يتم تعينه من قبل رئيس الدولة أو رئيس الحكومة.
3. أن يتم تعيينه بعد تزكيته/ والموافقة من قبل البرلمان، ولا تعتبر موافقة البرلمان في هذه الحالة شرطًا للتعيين.
تناولت الوفاق في انتقادها للأمانة العامة للتظلمات موضوع التقرير السنوي الأول الذي أصدرته، وحوت نقاط الانتقاد العديد من جوانب التضارب والأحكام الذاتية غير الموضوعية، فهي تنتقد الأمانة العامة من وجهة نظرها لأن "عدد الحالات التي رفضتها بحسب التقرير السنوي الأول الصادر في 5 يونيو/ حزيران 2014 يقارب نصف الحالات التي تصدت لها الأمانة العامة خلال فترة الإحصاء"، وهنا توضح الأمانة العامة للتظلمات للقارئ الكريم ما يلي:
- أولاً: التقرير السنوي الأول تم الإعلان عنه في مؤتمر صحفي غطته وسائل الإعلام كافة يوم الأربعاء الموافق 28 مايو 2014 وليس يوم 5 يونيو 2014 كما ادعت الوفاق ما يدل على غياب الدقة حتى في مجرد التأكد من المعلومات البسيطة.
- ثانيًا: استخدمت الوفاق جملة "الحالات التي رفضتها" أي الأمانة العامة، والحقيقة أن الأمانة العامة لم ترفض ولا ترفض أي شكوى تقدم إليها بتاتا، وإنما كان التوصيف الذي ذكرته في تقريرها السنوي هو: "الشكاوى التي صدر بشأنها قرار تسوية أو عدم وجود فعل مؤثم أو عدم اختصاص"، ومما سبق يدرك القارئ الكريم أن هناك فرق كبير بين مصطلح "رفض" الذي استخدمته الوفاق والذي يشير إلى عدم قبول النظر في الشكاوى من الأساس، وبين مصطلحات "التسوية أو عدم وجود فعل مؤثم أو عدم الاختصاص" والتي تشير كلها إلى الإجراءات المتخذة بشأن بعض الشكاوى، بعد قبولها والتحقيق فيها والاستماع إلى شهادة الشهود وغيرها من الآليات، ما يدل على تعمد الوفاق التلاعب بالألفاظ والمصطلحات بشكل يربك القارئ ويشير إلى مدلولات غير موجودة.

تطرقت الوفاق إلى مسألة الشكاوى، وأيضا بأسلوب متناقض فهي تزعم أن " تنامي الثقة لا يكون بزيادة عدد الشكاوى" وقالت "يجب أن تسعى أمانة التظلمات إلى تقليص حالات الشكاوى وزيادة حالات التصدي لها باقتراح الحلول وخطط العمل التي تسري على الكافة"، وهناك تستغرب الأمانة العامة من هذا الطرح الذي لا يمت للعقل والمنطق بصلة، فكيف للأمانة العامة أن تقلص حالات الشكاوى، فهل تمتنع مثلا عن قبول شكاوى الناس؟!، أو هل تطلب من أفراد الجمهور ألا يتقدموا بشكاوى لديها؟! الحقيقة أن مسألة تقديم الشكاوى وعددها هي مسألة تخص الجمهور بشكل حصري وليس للأمانة العامة تدخل فيها، فكل ما تفعله هو تلقي هذه الشكاوى والتحقيق فيها بحسب المرجعية القانونية الموجودة، أما مسألة التكييف السياسي لعدد الشكاوى وإذا ما كان قد زاد أم نقص فهو أمر ليس واردا لدى الأمانة العامة لأن عملها قانوني وليس سياسي، وإنما تهتم بطريقة تعاملها مع هذه الشكاوى والنتائج التي أفضت إليها، كما تستغرب الأمانة العامة من طلب الوفاق أن تقوم الأمانة العامة " باقتراح الحلول وخطط العمل التي تسري على الكافة" لأن ذلك كلام مبهم وغير محدد، فما هي تلك الحلول وما هي خطط العمل التي تسري على الكافة؟ وفي أي شأن وأي مجال؟ ومن هم هؤلاء الكافة أصلاً؟ لأن ذلك في النهاية من وجهة نظر الوفاق يؤدي إلى تقليص عدد الشكاوى، وكأن تقليص عدد الشكاوى أصبح الشغل الشاغل للوفاق وأصبح هو الغاية من إنشاء الأمانة العامة للتظلمات، وحتى بافتراض أن عدد الشكاوى انخفض فلن تختفي الانتقادات بل سيتم لوم الأمانة العامة حينها بالقول إن انخفاض الشكاوى هو دليل عدم الثقة، وهكذا دواليك في نفس الدائرة المفرغة.

انتقدت الوفاق الأمانة العامة لأنها "لم تتعاط بشكل جدي وعلني على رغم تواتر الشكاوى في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي مع الضحايا وأسرهم ...."، وهنا يبدو أن الوفاق لم تكلف نفسها عناء متابعة ما سبق وأن صرح به الأمين العام في هذا الشأن وذلك في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة الوسط في عددها رقم (4313) بتاريخ 29 يونيو 2014م حين تحدث عن هذه النقطة تحديدًا قائلاً بالنص إن:
" بعض المنظمات وكذلك بعض الأشخاص يقومون بنشر تقارير أو صور في مواقع إلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، بها ادعاءات عن «تعرض البعض لإصابات خطيرة»، من جانبها قامت الأمانة العامة للتظلمات برصد 28 حالة من تلك الحالات وقامت بالتحقيق فيها وتحويلها للجهات المختصة، وبشكل عام فإنه لكي يتم التعامل مع أية ادعاءات يجب أن تكون مقدمة بشكل رسمي من خلال استمارة الشكوى المعتمدة وذلك لضرورات قانونية ووظيفية، إذ إن هناك العديد من المعلومات اللازمة للتحقيق يجب التأكد منها، كما أن المهنية تستلزم إقرار مبدأ المسئولية فيما يقدم من معلومات وبيانات بالشكوى كونها يمكن أن تُنظر في جهات قضائية ويترتب عليها تبعات قانونية متعددة قد تصل لمحاكمات جنائية أو تأديبية أو كلتاهما معاً، ثم إن إقرار مبدأ مسئولية صاحب الشكوى أو وكيله في تقديم الشكوى بشكل رسمي هو في مصلحته بالمقام الأول وحماية له من أن ينتحل شخص أو جهة هويته أو يتحدث باسمه أو يقدم معلومات أو بلاغات من دون علمه أو رغبته".

تناولت الوفاق موضوع عمل وأداء الأمانة العامة للتظلمات في مجال مراقبة مراكز الإصلاح والتأهيل، من أكثر من زاوية، وبنفس الأسلوب الذاتي غير الموضوعي فهي على سبيل المثال وليس الحصر:
 1- زعمت "أن الأمانة لم تفحص الحالات التي وردت إليها بشكل معمق" وبدورها تتساءل الأمانة العامة كيف عرفت الوفاق أن الأمانة العامة لم تفحص الحالات التي وردت إليها بشكل غير معمق؟ وما هو دليلها على ذلك؟ وما هي الأسس الموضوعية لإطلاق مثل هذا الحكم؟ فالحقيقة هنا أن الوفاق جعلت من نفسها جهاز رقابي يتابع آليات العمل في الأمانة العامة ويقيم مدى المجهود المبذول في التحقيق بالشكاوى لكي تتكلم بكل أريحية وثقة وتخرج بنتيجة أن فحص الحالات غير معمق.
2- تحدثت عن تقرير زيارة سجن جو الذي أعلنت عنه الأمانة العامة في سبتمبر 2013، وانتقدت عدم تحرك الأمانة العامة "لاتخاذ ما يلزم لمحاسبة من تسبب في مشكلة اكتظاظ الزنازين وصيانة وتجديد العنابر"، وهناك تستغرب الأمانة العامة للتظلمات من هذا الطرح الخيالي، فمن هو المتسبب في مشكلة اكتظاظ الزنازين؟ وبأي صلاحية أو تهمة يمكن للأمانة العامة أن تحاسبه عليها؟ فالقاصي والداني يعرف أن عدد النزلاء في السجن لا تحدده الأمانة العامة ولا تحدده إدارة الإصلاح والتأهيل ولا تحدده إدارة السجن نفسها، فالنزلاء الذين تم رصد عددهم وقت الزيارة، والذي يقضون مدة محكوميتهم، موجودون في مباني قليلة تم بنائها منذ مدة طويلة كانت تكفي السعة الافتراضية وقت إنشائها، مما أدى إلى الاكتظاظ، الأمر الذي ليس فيه تعمد ولا إهمال سواء من إدارة السجن أو الأمانة العامة، وكل ما يمكن تقديمه في هذه الحالة هو التوصية بتلافي مشكلة الاكتظاظ وهو ما قدمته بالفعل الأمانة العامة في توصيتها بالتقرير المذكور، وقد تعمدت الأمانة العامة في توصيتها تلك ألا تطلب زيادة عدد مباني السجن أو بناء سجون جديدة حتى لا يعطي ذلك إيحاء سلبي بأن العقوبة واستمرار الحبس هي غاية في حد ذاتها، بل أوصت الأمانة العامة بحل مشكلة الاكتظاظ من خلال خيارات مفتوحة منها: تطبيق نظام العقوبة البديلة وخدمة المجتمع، تكثيف برامج إعادة التأهيل المجتمعي ... وغيرها من الأساليب الحديثة المطبقة في دول عدة.
3- انتقدت الوفاق آلية عمل الأمانة العامة في زيارة سجن جو، وفي متابعة بعض الحالات مثل ما أثير بشأن مشكلة عدم حصول " المحبوسين" في مركز الحبس الاحتياطي بالحوض الجاف على الملابس الشتوية، واختيار عينة عشوائية من هؤلاء "المحبوسين"، كما انتقدت الوفاق طريقة تعامل الأمانة العامة مع الحالة الخاصة "لمحبوس" كفيف، زاعمة غياب الشفافية لعدم بيان ما شكا منه وما هي طلباته وموقف الأمانة العامة منها، وهنا تتضح حقيقة أن الوفاق لا تجد قضايا حقيقية يمكن أن تبنى عليها انتقاد قوي، فهي تتكلم عن جزئيات خارج السياق العام عن كل حالة من الحالات التي أشارت إليها، فالنسبة لآلية عمل الأمانة العامة في زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي فهي آلية محددة ودقيقة كما أن المعايير والمبادئ والمؤشرات التي تستند عليها الأمانة العامة تم نشرها إلكترونيا وورقيا، وهي نتاج بحث طويل وتبادل خبرات مكثف مع أكثر من جهة ومؤسسة دولية منها بشكل خاص مفتشية جلالة الملكة للسجون بالمملكة المتحدة التي نظمت الكثير من الدورات التدريبية وزيارات التفتيش العملية على السجون في المملكة المتحدة لكوادر الأمانة العامة، وأطلعتهم فيها على وسائل التفتيش والمعايير المتبعة فيه، وغيرها من الجوانب الفنية التي استفادت منها الأمانة العامة استفادة كبيرة وطبقتها في عملها الميداني، ولذلك فإن آلية العمل بما فيها طريقة اختيار العينات العشوائية هي طريقة علمية إحصائية مطبقة في بريطانيا وغيرها من دول العالم، ما يرد أيضا على الموضوع الثاني الذي طرحته الوفاق بشأن الملابس الشتوية للمحبوسين في مركز الحوض الجاف فقد تم التأكد من أنه يتم تسليم تلك الملابس للمحبوسين كافة خلال مدة 24 ساعة وذلك لكل المحبوسين وليس فقط بالنسبة للعدد المحدود الذي أشارت إليه الوفاق واهتمت بهم دون غيرهم، وبالنسبة لمسألة المحبوس الكفيف فإن الأمانة العامة لا يمكنها سرد ونشر كل ما يتحدث به صاحب الشكوى مراعاة للخصوصية من جهة والتزاما بمبادئ العمل الموضوعية من جهة أخرى، حيث إن بعض الشاكين يطالبون بأمور خارج نطاق شكواهم وخارج نطاق عمل الأمانة العامة للتظلمات، كما إن نشر تفاصيل الشكاوى على الملأ ليس هدفًا في حد ذاته، إنما المهم هو إيجاد حلول تضمن مصلحة صاحب الشكوى أولاً وأخيرًا.

سألت الوفاق في جانب من هجومها على الأمانة العامة للتظلمات سؤال نصه: لماذا أخفيت أسباب وفاة معتقل سياسي؟ وهي تقصد إحدى حالات الوفاة المنشورة في التقرير السنوي الأول، لمحبوس توفي نتيجة الإهمال الطبي داخل المستشفى حيث كان مصابا بمرض السكلر، وهنا توضح الأمانة العامة للتظلمات أن الوفاق طرحت هذه القضية بل وكل القضايا التي تتحدث عنها من منظور سياسي بحت ودليل ذلك استخدامها لتعبير "معتقل سياسي" ما يدل على التوجه المسبق الذي تتبعه الجمعية والذي يؤثر بلاشك على نظرتها للأمور وينسف تماما قواعد الموضوعية في النقد لأنها تستهدف ترسيخ فكرة معينة، أما ما يتعلق بالشق الموضوعي في القضية المطروحة فقد تناولته الوفاق حين قالت " يفترض أن الأمانة على علم تام بأن هناك شقا جنائيا يتصل بالتحقيق في تعرضه للتعذيب بطريقة أدت لتدهور حالته الصحية ودخوله المستشفى ومن ثم وفاته"، من جانبها تؤكد الأمانة العامة للتظلمات أنها كانت واضحة وصريحة في طريقة تعاطيها مع هذه القضية وذلك تباعا لصلاحيتها المنصوص عليها في المادة رقم (14 ) من المرسوم رقم 27 لسنة 2012 المعدل بالمرسوم رقم 35 لسنة 2013، والتي أوجبت إبلاغ النيابة العامة دون تأخير في حالة إذا تبين من فحص شكوى طبقا لأحكام هذا المرسوم أنها تشكل جريمة جنائية تقع ضمن اختصاص النيابة العامة، وأوجبت كذلك أن يرفق بالإبلاغ المشار إليه كل المعلومات والوثائق التي جمعت بخصوص الشكوى.
وهو ما قامت الأمانة العامة للتظلمات به فعلاً، ولذلك فإن الشق الجنائي الذي تحدثت عنه الوفاق منظور أمام النيابة العامة سواءً فيما يتعلق بالإهمال الطبي أو الادعاءات السابقة بالتعذيب، ما يدحض أي أساس حقيقي لادعاءات الوفاق التي تحاول تحميل الأمانة العامة ما لا يدخل في اختصاصاتها بموجب مرجعيتها القانونية.


تحدثت جمعية الوفاق بشكل فئوي صارخ في محل هجومها على الأمانة العامة للتظلمات حين قالت " أن الأمانة، لم تقدم أي خطة أو أفكار لبناء الثقة في المنظومة الأمنية من قبل الضحايا الذين تعرضوا لاستهداف طائفي ممنهج كشف عنه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق"، بدورها تستغرب الأمانة العامة للتظلمات من هذا الطرح الغريب فكريا ومهنيا فهي لا تتعامل مع أي شكاوى أو قضايا من منظور فئوي أو طائفي أو عنصري أو تبعًا لأي تصنيف تجزيئي أياً كان، كما تحاول أن تفعل الوفاق، حيث إن الأمانة العامة تستند إلى مرجعية قانونية محددة، ولا تنطلق في علمها من محددات أيدولوجية معينة، كما لا يعتبر ما استشهدت به الوفاق من فرضيات تحدثت عنها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، ذا حجية في مجال عمل الأمانة العامة وهو ما تم التأكيد عليه في اكثر من مناسبة من أن عمل الأمانة العامة يشمل تلقي الشكاوى من أفراد الجمهور في حال وقع عليهم فعل مؤثم من جانب أيٍ من منتسبي وزارة الداخلية بمناسبة أو أثناء أو بسبب ممارستهم لاختصاصاتهم، كما أن لها زيارة السجون وأماكن رعاية الأحداث وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز للتحقق من قانونية الإيداع وعدم تعرض النزلاء والمحبوسين والمحتجزين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وبالتالي فليس من مهام الأمانة العامة أو من واجباتها البحث في وجود استهداف طائفي ممنهج من عدمه كما تروج لذلك الوفاق، بشكل ينافي أبسط المتطلبات التي يجب أن تتوافر في أي جمعية تقول إنها وطنية وإنها تعبر عن اهتمامات ومصالح المواطنين كافة دون تفرقة.

جعلت جمعية الوفاق من نفسها وصية على الأمانة العامة للتظلمات بكل ما تحمله الكلمة من معان، وتدخلت في أسلوب عملها مهنيا وإداريا ومن ذلك ما طالبت به الوفاق من "جرأة الأمبودسمان (الأمين العام للتظلمات) على النقد الموضوعي، والجدية في استعمال الآليات المتاحة لديه"، وكذلك مطالبتها بأن " يكون اختيار الأمين العام ونائبه، بناء على مواصفات معينة"، ومطالبتها كذلك بألا يكتفي دور الأمانة العامة على "تلقي الشكاوى وحفظ نتائج التحقيق، وإبلاغ الداخلية أو النيابة بالإجراءات"، وهنا تعرب الأمانة العامة للتظلمات عن خيبة أملها الكبيرة في هذا الطرح من جمعية يفترض أنها تحترم الدستور والقانون ومؤسسات الدولة، فالانتقادات المتوالية والممنهجة التي دأبت عليها الوفاق تجاه الأمانة العامة للتظلمات، لم تتناول أي جانب حقيقي يمكن التفاعل معه، بل هو رفض مبدئي يهدف لهدم فكرة الأمانة العامة للتظلمات من الأساس، فالجمعية تعترض أصلاً عن اختيار الأمين العام ونائبه، ولكنها في الوقت ذاته تطالب الأمين العام بأن يكون لديه جراءة على " على النقد الموضوعي" وكأن النقد هو مهمته وعمله الأساسي، بل وتتعدى الجمعية أكثر من ذلك حين تطالب بألا تقتصر مهمة الأمانة العامة على "تلقي الشكاوى وحفظ نتائج التحقيق وإبلاغ الداخلية أو النيابة بالإجراءات"، وهنا تتساءل الأمانة العامة وتشرك الجمهور الكريم في تساؤلها عما يجب أن تفعله بخلاف "تلقي الشكاوى وحفظ نتائج التحقيق، وإبلاغ الداخلية أو النيابة بالإجراءات" ، الوفاق ترد على ذلك وتقول أنه يجب " أن يمتد دور أمانة التظلمات إلى التحقيق المكثف في الاستهداف الممنهج والمستمر للانتهاكات"، وبافتراض أن ذلك حصل وأن الأمانة العامة قامت بالتحقيق المكثف في "الاستهداف الممنهج والمستمر للانتهاكات" كما تزعم الوفاق فما هي الخطوة التالية؟ ماذا بعد التحقيق المكثف؟ فاذا كانت الوفاق تطالب الأمانة العامة بألا تكتفي بإبلاغ الداخلية أو النيابة بالإجراءات، فالذي يجب عليها فعله في تلك الحالة؟ الإجابة بالطبع سوف تدور في حلقة مفرغة من التساؤلات والتساؤلات المقابلة، وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن الوفاق ليس لديها شيء حقيقي تتحدث عنه وأنها تنتقد لمجرد الانتقاد.

ختامًا تعرب الأمانة العامة للتظلمات عن أسفها العميق على الطرح والنهج الذي تتبناه جمعية الوفاق تجاهها، وهي التي أكدت أكثر من مرة وعلى لسان أمينها العام وفي تقريرها السنوي أنها " تمد يد التعاون والتواصل مع أفراد الجمهور كافة، وجميع المؤسسات والإدارات والمنظمات داخل وخارج البحرين، لأنها تعي تمامًا، أهمية مساهمتها في تعزيز مبادئ ومفاهيم حقوق الإنسان، في مجال عملها" كما إن آلية العمل بالأمانة العامة للتظلمات تسمح للمنظمات بتقديم شكاوى نيابة عن الأفراد، وقد تلقت بالفعل العديد من الشكاوى من منظمات دولية بهذا الخصوص، وكان يمكن لجمعية الوفاق -إذا كانت فعلاً مهتمة بمصلحة المواطنين- أن تتقدم هي بشكاوى رسمية بالنيابة عنهم وأن تقدم ما توفر لديها من معلومات وأدلة بشأن قضايا محددة حتى يمكن اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة حيالها، كان بإمكانها إيجاد شراكة حقيقية مع الأمانة العامة للتظلمات، والعمل على تعزيز نقاط التواصل والمتابعة معها في اطار الفهم الحقيقي لدور واختصاصات الأمانة العامة، ولكن كل ذلك لم يحدث، حيث ارتأت جمعية الوفاق أن تسلك منهج الانتقاد السلبي المتواصل الذي لا يقوم على أي مرتكزات موضوعية، رغم أن الأمانة العامة للتظلمات ترحب دائما بأي تساؤلات أو ملاحظات أو انتقادات توجه إليها طالما كان ذلك موضوعيا ويستهدف الوصول إلى الحقيقة، وهو ما تم بالفعل في العديد من المقابلات الصحفية والتلفزيونية وما يحدث عبر المراسلات التي تتم مع منظمات ومؤسسات دولية، فالأمانة العامة في كل ذلك تعتبر أن الانتقاد الإيجابي أمر مهم لا غني عنها للوصول إلى آليات التطوير، لأن ذلك في النهاية يهدف إلى تعزيز قدرتها على خدمة الجمهور بالوسائل والأدوات المتاحة لديها.


http://www.bna.bh/portal/news/628967