قالت الأمين العام للتظلمات بوزارة الداخلية غادة حميد حبيب لصحيفة “البلاد” إنه ولدى وضع أسس آليات عمل الأمانة فقد جرى التركيز على مسألة أنها الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي من حيث الاختصاص النوعي، حيث لا توجد مؤسسة شبيهة لها على المستوى الإقليمي، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز، لأنه يأتي في سياق المكتسبات المحققة في مجالات حقوق الإنسان بمملكة البحرين.
وأضافت في حوار مع الصحيفة من مكتبها بضاحية السيف أن نسبة طلبات المساعدة التي تلقتها الأمانة منذ عامها الثاني تقترب من 70 % من إجمالي التظلمات، وقد اقتربت نسبة تسوية هذه الطلبات، سواء من حيث تقديم توصيات بشأنها أو حلها بالتعاون مع الجهات الأخرى في وزارة الداخلية من 95 % وهو ما نعتبره مؤشرا جيدا على ثقة الجمهور في عمل الأمانة ووعيا بالدور “الإنساني” الذي تقوم به.
إنجاز نوعي
ما أبرز الإنجازات التي حققتها الأمانة العامة للتظلمات خلال مسيرتها في العشر سنوات؟
يعتبر إنشاء الأمانة العامة للتظلمات إنجازا نوعيا في حد ذاته، لاسيما وأنه جاء ضمن سلسلة إجراءات تشريعية وتنفيذية متزامنة ومتكاملة، وهي إجراءات انسجمت مع روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم والذي انطلق مطلع الألفية الجديدة، حاملا في صميمه ترسيخ وتعزيز قيم ومبادئ حقوق الإنسان بمعناها الشامل.
ولذا كان الإدراك ومنذ اللحظة الأولى لتدشين الأمانة العامة للتظلمات في يوليو 2013م أهمية هذا البعد “الحقوقي” الذي تساهم فيه، ليس بمفهوم مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، وإنما في نطاق الاختصاصات والمهام ذات الصلة الوثيقة بمجال من أهم المجالات التي يمكن القياس عليها واعتبارها من مؤشرات مدى احترام حقوق الإنسان في أي مجتمع من المجتمعات وهو مجال عمل أجهزة إنفاذ القانون وعلاقتها بالأفراد في هذا المجتمع، ولذلك تم عند وضع أسس آليات عمل الأمانة التركيز على مسألة أنها الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي من حيث الاختصاص النوعي، حيث لا توجد مؤسسة شبيهة لها على المستوى الإقليمي، وهو أمر يدعو للفخر والاعتزاز لأنه يأتي في سياق المكتسبات المحققة في مجالات حقوق الإنسان بمملكة البحرين.
وإذا ما استعرضنا أبرز ما حققته الأمانة من إنجازات طوال العشر سنوات الماضية فإننا نشير إلى الإنجازات الآتية على سبيل المثال وليس الحصر:
الحصول على عضوية المعهد الدولي لمكاتب أمناء التظلمات (IOI) في سبتمبر 2013م.
هي أول جهاز تنفيذي مستقل – بعد السلطة القضائية- يكون له صلاحية زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز.
قامت بأول زيارة تفتيشية تقوم بها مؤسسة تنفيذية مستقلة إلى مركز إصلاح وتأهيل النزلاء بمنطقة جو في سبتمبر 2013م، وأصدرت تقرير مفصل عن هذه الزيارة، في الشهر ذاته.
أصدرت أول دليل يحتوي على مبادئ ومعايير زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي، في سبتمبر 2013م وهو دليل يتماشى مع المعايير الدولية المتبعة في أجهزة الرقابة على السجون والإصلاحيات، وتم اعتماده من جانب المجلس الأعلى للقضاء بمملكة البحرين في أبريل 2014م.
شاركت في المؤتمر الأول لأمناء التظلمات في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والذي عُقد في جمهورية باكستان في أبريل 2014م، والذي تمخض عنه تشكيل جمعية أمناء التظلمات في الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي (OICOA) وبذلك تُعتبر مملكة البحرين من أوائل الدول المؤسسة لهذه الجمعية.
الحصول مناصفة مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على جائزة شايو لتعزيز حقوق الإنسان في منطقة الخليج العربي للعام 2014 م، وذلك من مندوبية الاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج العربي، والمعتمدة في الرياض.
المساهمة في العديد من البرامج والمشروعات وخطط التطوير والتأهيل التي قامت بها وزارة الداخلية من خلال التوصيات التي قدمتها الأمانة خاصة في مجالات عمل مراكز الإصلاح والتأهيل والأمن العام.
تعزيز التواصل الإيجابي والفعال مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية وكذلك مع البعثات الدبلوماسية المعتمدة في البحرين، ومع الصحف ووسائل الإعلام، وأصحاب المصلحة والمهتمين بمجالات عمل الأمانة.
الشكاوى وطلبات المساعدة
ما أبرز الشكاوى وطلبات المساعدة التي تلقتها الأمانة خلال عام 2023م؟
يتم رصد إحصائيات الأمانة العامة للتظلمات خلال عام تشغيلي، وهو الفترة التي يتم فيها رصد مجمل أنشطة الأمانة في نطاق عملها وهو تلقي التظلمات.
والعام التشغيلي يبدأ من الأول من مايو من كل عام وينتهي في 30 أبريل من العام الذي يليه.
ولذا فإن العام التشغيلي الحالي والذي يغطيه التقرير السنوي العاشر للأمانة العامة للتظلمات يبدأ من 1 مايو 2022 وينتهي في 30 أبريل 2023م.
وقد تلقت الأمانة العامة للتظلمات خلال هذا العام 743 تظلما، منها 202 شكوى و 541 طلب مساعدة.
وهنا نعيد الإشارة إلى الفرق بين التصنيفين، حيث إن الشكاوى هي تظلمات تتطلب اتخاذ اجراء قانوني تجاه المشكو في حقهم بالتعاون مع الجهات الأخرى ذات الصلة مثل النيابة العامة ووحدة التحقيق الخاصة وإدارة المحاكم العسكرية بوزارة الداخلية، واللجان التأديبية.
في حين أن طلبات المساعدة هي تظلمات تتعلق بطلبات بالتواصل مع الجهات المعنية في وزارة الداخلية للنظر في إمكانية تلبية احتياجات فردية أو جماعية أو من أجل الاستفسار عن معلومات معينة مثل: التعليم، الزيارات، الاتصالات، الخدمات الطبية.. إلخ.
وهنا نشير إلى أن نسبة طلبات المساعدة التي تلقتها الأمانة منذ عامها الثاني تقترب من 70 % من إجمالي التظلمات، وقد اقتربت نسبة تسوية هذه الطلبات، سواء من حيث تقديم توصيات بشأنها أو حلها بالتعاون مع الجهات الأخرى في وزارة الداخلية، من 95 % وهو ما نعتبره مؤشرا جيدا على ثقة الجمهور في عمل الأمانة ووعيا بالدور “الإنساني” الذي تقوم به.
أما من حيث نوعية الشكاوى وطلبات المساعدة فهي تتعلق بالادعاءات التي تتضمنها، وهي ادعاءات مختلفة ومتنوعة ولكن قد لا يثبت بالضرورة صحتها، ولذا فليست هناك ادعاءات محددة يمكن التركيز عليها، ربما باستثناء طلبات المساعدة التي ترد من بعض النزلاء بشأن الرعاية الصحية، أو المساعدة في الالتحاق بالدراسات العليا، بالإضافة إلى طلبات من أهالي بعض النزلاء للحصول على زيارات استثنائية لهم.
وبالطبع، فإن النظر في مثل هذه الطلبات يتم بالتعاون والتنسيق مع الجهات المختصة في وزارة الداخلية والجهات الأخرى المعنية بحسب ما تسمح به الأطر القانونية والإجراءات والإمكانيات الإدارية المتاحة.
الملاحظات
ما أبرز الملاحظات التي سجلتها الأمانة من خلال زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي في عام 2023م؟
في البداية من المهم التعريف بآلية عمل الأمانة العامة للتظلمات فيما يتعلق بمسألة زيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي، وهي الصلاحية الممنوحة لها بموجب نص المادة 12 من المرسوم رقم 35 لسنة 2013م والتي جاء فيها أنه “يكون للأمانة العامة للتظلمات زيارة السجون وأماكن رعاية الأحداث وأماكن الحبس الاحتياطي والاحتجاز للتحقق من قانونية الإيداع وعدم تعرض النزلاء والمحبوسين والمحتجزين للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية او الحاطة بالكرامة”.
ولذلك، فإنه بعد شهرين فقط من تدشين الأمانة تم إجراء أول زيارة تفتيشية شاملة إلى مركز إصلاح وتأهيل النزلاء بمنطقة جو في سبتمبر 2013م، وهو ما أشرنا إليه سابقا، ولكن بعد تشكيل أول مجلس لمفوضية حقوق السجناء والمحتجزين في فبراير 2014م وشروع المفوضية في القيام بمهامها، ارتأت الأمانة العامة للتظلمات تنسيق الجهود والاختصاصات بين المؤسستين منعا للتضارب وتعزيزا لأسس المهنية والتخصص المحدد، ولذلك كان الرأي هو أن تركز المفوضية على القيام بالزيارات التفتيشية العامة الشاملة بحسب المرجعيات المتبعة لديها، خاصةً وأن صلاحياتها تمتد لتشمل كافة المراكز والأماكن التي تتبع وزارة الداخلية أو غيرها من الوزارات الأخرى مثل وزارة الصحة ووزارة التنمية الاجتماعية.
ولذلك؛ فإن الزيارات التي يقوم بها محققو الأمانة العامة للسجون ومراكز الحبس الاحتياطي هي زيارة محددة الهدف وتدخل ضمن التحقيق في محل التظلمات التي تردها، ويتم تسجيل ما يرد في أقوال الشاكين لتأخذ مجراها في التحقيقات بحسب الآلية الاعتيادية المتبعة عند تلقي التظلمات من كافة أفراد الجمهور سواءً كانوا نزلاء أم محبوسين احتياطيا أم من الأفراد العاديين أم من المنظمات المحلية والدولية، ولكن ذلك لا يمنع من أن الأمانة العامة للتظلمات تقوم بين الفينة والأخرى بزيارات عامة ذات غرض محدد للتأكد من ظروف معينة بناءً على بعض الادعاءات التي تثار وقد تؤثر على ثقة الجمهور في أداء مؤسسات ومنتسبي وزارة الداخلية، ومن ذلك الزيارة التي قامت بها الأمانة العامة للتظلمات في أغسطس 2023م، إلى مركز إصلاح وتأهيل النزلاء بمنطقة جو للتحقق وقتها من موضوع قيام بعض النزلاء بالإضراب عن الطعام.
وقد أصدرت الأمانة وقتها بيانا مفصلا تضمن ملاحظاتها واستنتاجاتها في هذا الموضوع وقالت فيه “إنه جرى التواصل مع بعض من ذوي النزلاء وطمأنتهم على استقرار وضعهم، كما أكدت أن “أبوابها مفتوحة وبأكثر من وسيلة لتلقي طلباتهم والنظر فيها، واتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها بالتنسيق مع الجهات المختصة في إدارة مركز إصلاح وتأهيل النزلاء طالما كانت في نطاق اختصاصاتها القانونية والوظيفية”.
خطط التطوير
ما خطط التطوير والتأهيل التي قامت بها وزارة الداخلية تفاعلاً مع توصيات الأمانة في عام 2023م؟
أؤكد هنا أن المنظومة العامة التي تعمل داخلها الأمانة العامة للتظلمات في نطاق أجهزة العدالة الجنائية ذات العلاقة بأجهزة إنفاذ القانون هي منظومة متكاملة تقوم على التعاون والتنسيق المشترك والمستمر.
وبناءً عليه؛ فإن أي مخرجات لعمل الأمانة العامة للتظلمات ومنها التوصيات التي تقترحها تتعلق بمنظومة العمل في الجهات ذات الصلة بتلك التوصيات وبالطبع فإن كافة الإدارات العامة والإدارات التابعة لوزارة الداخلية لها استراتيجيات وخطط عمل مفصلة ودقيقة، بعضها يتعلق بتطوير الأداء والعمل الداخلي بحسب خطط وبرامج التطوير المتبعة في الوزارة، وبعضها له علاقة مع الجهات المستقلة مثل الأمانة العامة للتظلمات ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين وغيرهما، في إطار من التعاون البناء والإيجابي.
وإذا ما تتبعنا مسار التعاون في هذه الجزئية تحديدا فإننا نفرق هنا بين نوعين من التوصيات التي تقترحها الأمانة العامة للتظلمات والمرتبطة بعمل أجهزة ومرافق وزارة الداخلية، وهما: التوصيات الفردية، والتوصيات العامة، فبالنسبة للتوصيات الفردية فهي توصيات متجددة ومستمرة لأنها نتاج لتحقيقات الأمانة العامة فيما يردها من شكاوى وطلبات مساعدة ومثل هذا النوع من التوصيات غالباً ما يتعلق بطلبات المساعدة وكما ذكرت من قبل فإن نحو 95 % منها يتم الاستجابة لها بشكل فعال.
أما بالنسبة للتوصيات العامة والتي قد تتطلب اتخاذ إجراءات تنفيذية أو إدارية عامة أو تنظيمية على مستوى الوزارة ككل، وهناك العديد من التوصيات أعلنت عنها الأمانة سابقاً وقامت وزارة الداخلية بالأخذ بها وتنفيذها.
وهنا أود أن أشير إلى أنه وبمرور الوقت ومع برامج التطوير المستمر في أداء منتسبي وزارة الداخلية والخدمات التي تقدمها والتركيز على المقاربات الحديثة في “الأتمتة” و”الحوكمة” بالإضافة إلى التطوير المستمر للعنصر البشري ونشر ثقافة احترام حقوق الإنسان من خلال الدورات التدريبية التي تعقدها الوزارة لمنتسبيها، كل ذلك أدى إلى انحسار النقاط والملاحظات، وهذا أمر نرى فيه نجاح منظومة التطوير الشاملة التي تنتهجها وزارة الداخلية وتستند ضمن ما تستند عليه إلى مرتكزات تحترم حقوق الإنسان وهو أمر مشاهد في الواقع المعاش وتدل عليه المقارنات البسيطة بين وضع البحرين وغيرها من كثير من دول العالم.
ويكفي هنا أن نشير إلى مشروع رائد هو مشروع العقوبات البديلة والذي تُوج بمشروع السجون المفتوحة وهو مشروع يندر أن يكون له مثيل في دول المنطقة بل وعلى المستوى العالمي أيضا، الأمر الذي أوجد بيئة ملائمة تعزز من احترام حقوق الإنسان.
غير أنه لا يفوتني هنا الإشارة إلى الجهود التي بذلتها مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين بالتعاون مع الأمانة العامة للتظلمات في التعاطي مع موضوع إضراب بعض النزلاء في مركز جو في أغسطس 2023م وقيام المفوضية بزيارة خاصة للمركز المذكور نجم عنها عدة توصيات عامة ذات طابع إداري وتنظيمي، تعاملت معها وزارة الداخلية بشكل مهني ومسؤول.
ولعل أبرز دليل على ذلك ما جاء في لقاء وزير الداخلية في أغسطس 2023م، حيث تشرفت بحضوره بوجود وكيل وزارة الداخلية، والذي أشاد فيه الوزير بجهود المفوضية وتأكيده على “مضي وزارة الداخلية في التعاون الدائم مع المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان كافة، وطرح وتنفيذ المبادرات الإنسانية والحضارية المتعلقة بمراكز الإصلاح والتأهيل التي تسهم في تأهيل النزلاء لإدماجهم مع المجتمع بما يعود بالخير على أبناء هذا الوطن”.
جريدة البلاد: راشد الغائب وحسن عبدالرسول | تصوير: رسول الحجيري