قالت الأمين العام للتظلمات بوزارة الداخلية غادة حميد حبيب لـ “البلاد” إن الأمانة اعتمدت عددا من المرجعيات ذات الطبيعة “الحقوقية” ولاسيما في أداء مهماتها المتعلقة بزيارة مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز الحبس الاحتياطي، ومنها على سبيل المثال، إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وذكرت حبيب، في حوار مع الصحيفة من مكتبها بضاحية السيف، أن الأمانة استمرت في استقبال الزيارات الدورية التي يقوم بها مختلف الوفود الرسمية وممثلو البعثات الدبلوماسية مثل موظفي الكونجرس الأميركي، والبرلمان البريطاني للتعرف على طبيعة عملها ودورها في تعزيز احترام حقوق الإنسان في مجالات عمل أجهزة إنفاذ القانون وفي مراكز الإصلاح والتأهيل، كما تعد الأمانة العامة للتظلمات من الأجهزة المؤسسة لجمعية أمناء تظلمات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أو ما يعرف اختصارا بـــ (OICOA)، وجاءت فكرة إنشاء هذه الجمعية إدراكا من منظمة التعاون الإسلامي للأهمية التاريخية لمؤسسة أمين التظلمات.
مرجعيات حقوقية
ما المعايير القانونية والحقوقية التي تعتمدها الأمانة في عمل أجهزة الرقابة على سلوك الشرطة والتفتيش في السجون وأماكن الإصلاح والتأهيل؟
كما اعتمدت الأمانة عددا من المرجعيات ذات الطبيعة “الحقوقية” ولاسيما في أداء مهماتها المتعلقة بزيارة مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز الحبس الاحتياطي وغيرها، ومنها على سبيل المثال: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مع الأخذ في الاعتبار مبادئ البروتوكول الاختياري للاتفاقية، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والتي أوصي باعتمادها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين المعقود في جنيف عام 1955 وأقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مايو 1977، معايير مفتشية للسجون بالمملكة المتحدة، وقد نجم عن كل ذلك قيام الأمانة العامة للتظلمات بإصدار أول مبادئ ومعايير في البحرين بل وربما في المنطقة كلها لزيارة السجون وأماكن الحبس الاحتياطي، وصدرت في سبتمبر 2013، وكانت نتاج الاطلاع على العديد من المبادئ والمعايير المطبقة عالميا ولاسيما في بريطانيا، وتضمنت أفضل الممارسات المتبعة في مجالات عمل مؤسسات وأجهزة الرقابة على السجون والإصلاحيات، وهي ترتكز على 3 مبادئ رئيسة تحتوي على 19 معيارا عاما داخل كل منها مؤشرات متنوعة بإجمالي بلغ 105 مؤشرات مختلفة، وبالطبع فإنه يتم إجراء تعديلات على هذه المبادئ والمعايير والمؤشرات تبعا لنوعية الزيارات التي يقوم بها محققو الأمانة العامة إلى مراكز الإصلاح والتأهيل والحبس الاحتياطي، والغرض منها.
مشاركات خارجية
ما طبيعة العلاقة بين الأمانة ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، والبعثات الدبلوماسية من أجل إبراز المنجزات الحقوقية الإيجابية عن البحرين؟
أولت الأمانة العامة للتظلمات حتى من قبل انطلاق عملها رسميا، اهتماما كبيرا ببرامج وفعاليات التعاون الدولي والتطوير والأنشطة الهادفة، والتي تتضمن تعزيز العلاقات الإيجابية مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، والبعثات الدبلوماسية ليس فقط بغرض إبراز المنجزات الحقوقية الإيجابية عن البحرين، وإنما انطلاقا من منهجية ثابتة قائمة على تعزيز التواصل الهادف مع طيف كبير من الشركاء وأصحاب المصلحة والمهتمين بعملها، في إطار تعزيز مبدأ الشفافية في عمل الأمانة، والحرص على دعم جهود التطوير المهني والإداري واكتساب مزيدا من الخبرات بالإضافة إلى إطلاع المهتمين على أهم جهود وأنشطة الأمانة طوال الفترات الماضية.
وقد تميزت هذه الفعاليات والبرامج بتنوعها وتعددها وأنها غطت أكثر من مجال ونطاق، منها التواصل المستمر مع أعضاء السفارات والبعثات الدبلوماسية للدول المعتمدة في البحرين وكذلك مع بعض المسئولين الأجانب الزائرين للبحرين، كما استمرت الأمانة في استقبال الزيارات الدورية التي يقوم بها عدد من موظفي الكونجرس الأمريكي إلى مقرها للتعرف على طبيعة عملها ودورها في تعزيز احترام حقوق الإنسان في مجالات عمل أجهزة إنفاذ القانون وفي مراكز الإصلاح والتأهيل.
كما شهدت المشاركات الخارجية لوفود من الأمانة العامة للتظلمات زخما كبيرا في العام 2023، وذلك بعد انحسار وتخفيف الإجراءات الاحترازية لمكافحة فيروس كورونا، والتي استمرت طوال عامي 2020 و2021 تقريبا، وبعد صدور المرسوم السامي بتعيين أمينا عاما للتظلمات في نوفمبر 2022، حيث شاركت الأمانة بشكل مؤثر وإيجابي في فعاليات عدة كان أبرزها:
المشاركة ضمن وفد مملكة البحرين في مناقشة التقرير الوطني الرابع ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، والمشاركة في المؤتمر الدولي الذي نظمته مؤسسة أمين المظالم في تركيا بعنوان “مستقبل حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين”، وكذلك المشاركة في المؤتمر الدولي الذي نظمته مؤسسة وسيط المغرب احتفالاً بالذكرى العشرينية لتأسيسها، وفي سياق آخر نظمت الأمانة وشاركت في العديد من المحاضرات وورش العمل المتخصصة والدورات التدريبية بالتعاون مع العديد من الجهات الوطنية والدولية منها وحدة التحقيق الخاصة، والأكاديمية الملكية للشرطة، ومعهد الدراسات القضائية والقانونية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، كما انخرطت الأمانة في العديد من الفعاليات والمناسبات الوطنية والاجتماعية النابع من دورها في رعاية منتسبيها ثقافيا واجتماعيا ومعنويا.
تحقيق العدالة
حققت الأمانة إنجازات مهمة، منها الحصول على عضوية المعهد الدولي لمكاتب أمناء التظلمات (IOI)، فما طبيعة هذه العضوية؟
بداية أود التعريف بالمعهد الدولي لأمناء التظلمات أو الـــ (IOI)، فقد تأسس عام 1978، ويضم في عضويته أكثر من 200 مؤسسة مستقلة لأمناء التظلمات من أكثر من 100 دولة حول العالم، والمعهد منظم في 6 فروع إقليمية (أفريقيا وآسيا وأستراليا والمحيط الهادئ وأوروبا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية)، وهو يدعم أعضائه عبر 3 مسارات وهي التدريب والبحث والدعم الإقليمي للمشاريع، أما علاقة الأمانة العامة للتظلمات بالمعهد فهي علاقة قديمة ومتجذرة وتسبق حتى التدشين الرسمي لعمل الأمانة، حيث كان أول تفاعل مباشر بين الطرفين حين شارك وفد من الأمانة العامة للتظلمات في المؤتمر الدولي العاشر لأمناء عموم ورؤساء مكاتب التظلمات الذي عُقد في نوفمبر 2012، في مدينة ويلينغتون بنيوزلندا وحضره 150 أمينا عاما ورئيس لمكاتب التظلمات من 85 دولة على مستوى العالم، وكان الهدف من هذه المشاركة هي الاستعانة بالتجارب الرائدة عالميًا في مجال اختصاص الأمانة وكذلك الاستفادة من الخبرات الدولية ذات الكفاءة والمستوى العالي من الاحترافية خاصة في مجالات حقوق الإنسان وآليات تحقيق العدالة والإنصاف.
وفي سبتمبر من عام 2013 أي بعد تدشين عمل الأمانة بشهرين حصلت على العضوية الكاملة للمعهد بعد استيفاء الشروط المطلوبة، والعضوية الكاملة أي أن يكون عضوا مصوتا، والانتساب إلى هذه العضوية يتطلب جملة من المعايير الضرورية والأساسية منها الاستقلال الوظيفي وصلاحية تلقى الشكاوى من الأفراد ضد المؤسسات العامة، مع الالتزام بقواعد ومبادئ المعهد، وتمنح هذه العضوية الاشتراك في كافة الأنشطة التي يرعاها المعهد والتصويت في الجمعية العامة للمعهد وأفرعه الإقليمية.
تبادل الخبرات
فازت البحرين وللمرة الأولى في انتخابات مجلس إدارة جمعية أمناء تظلمات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي (OICOA)، وتم الاتفاق على إطلاق مبادرة للتدريب وتبادل الخبرات ما بين مكاتب الأعضاء في الجمعية، ما طبيعة مجال التدريب والاستفادة من تبادل الخبرات لفئة الموظفين الشباب؟
تعد الأمانة العامة للتظلمات من الأجهزة المؤسسة لجمعية أمناء تظلمات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أو ما تُعرف اختصارا بـــ (OICOA)، وقد جاءت فكرة إنشاء هذه الجمعية إدراكا من منظمة التعاون الإسلامي للأهمية التاريخية لمؤسسة أمين التظلمات، حيث سعت إلى تعزيز وجودها في الدول الأعضاء، وفي دورة مهمة عُقدت عام 2012 في جيبوتي، قررت منظمة التعاون الإسلامي إنشاء شبكة من مكاتب أمناء التظلمات، بهدف تعزيز تبادل الخبرات، وصقل مهارات التعامل مع الشكاوى، وزيادة تمكين مؤسسات أمناء التظلمات في العالم الإسلامي، وخلال مؤتمر عُقد في أبريل من عام 2014 في العاصمة الباكستانية اسلام آباد وحضره وفد من الأمانة العامة للتظلمات تم الإعلان رسمياً عن تأسيس الجمعية ومقرها الرئيس في إسلام آباد، ومنذ عام 2019، انتقلت الجمعية من المراحل النظرية ووضع الأطر والتصورات إلى الخطوات التشغيلية، ومنذ ذلك الحين فإن الأمانة حرصت على المشاركة الفعالة في أنشطة هذه الجمعية سواءً من خلال المشاركة في المؤتمرات التي تعقدها أم عبر تبادل الرؤى والخبرات والتعرف على الممارسات المتبعة في مجالات عمل مؤسسات أمناء التظلمات بحسب طبيعة كل بلد والمرجعيات والأطر القانونية والمهنية المحددة فيها، وقد توطدت العلاقة بين الأمانة العامة للتظلمات وجمعية (OICOA) بشكل كبير وصولاً إلى فوز البحرين وللمرة الأولى في انتخابات مجلس إدارة الجمعية والتي جرت في الاجتماع التاسع لمجلس الإدارة، الذي عُقد في مدينة إسطنبول التركية مطلع أكتوبر من العام الماضي 2023، بحضور جميع الدول المشاركة في الاجتماع والبالغ عددها 33 دولة، حيث حصلت الأمانة العامة للتظلمات على صفة عضو مصوت، بالإضافة إلى أعضاء من 6 دول أخرى، وتم في الاجتماع المذكور الاتفاق على إطلاق مبادرة رائدة للتدريب وتبادل الخبرات ما بين مكاتب أمناء التظلمات الأعضاء في الجمعية من خلال التركيز على فئة الموظفين الشباب وتزويدهم بالمهارات والخبرات بحسب المعايير الدولية المطبقة في عمل مكاتب أمناء التظلمات، أما كيفية تنفيذ هذه المبادرة فهو ما تقوم به الأمانة العامة للجمعية بحسب الإمكانيات المتاحة لها وبحسب التنسيق المشترك بين مؤسسات أمناء التظلمات المنضوية تحتها، ومن المتوقع البدء في مثل هذه البرامج التدريبية في الفترة المقبلة، والأمانة العامة للتظلمات ترحب بانخراطها في مثل هذه البرامج التدريبية، كما أنها تضع خبرتها في هذا المجال أمام نظيراتها من المؤسسات الأخرى الأعضاء في الجمعية من الأخذ في الاعتبار أن الأمانة العامة ذات اختصاص نوعي محدد لأنه يتعلق تحديدا بمجالات عمل أجهزة وزارة الداخلية، وليست جهازا عاما لتلقي التظلمات بحق الجهاز الإداري في الدولة ككل كما هو متبع في مؤسسات وبلدان أخرى.
تعاون مستمر
ما أبرز ثمار التعاون بين الأمانة العامة للتظلمات والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؟
يمكن القول إن علاقة الأمانة العامة للتظلمات مع المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هي علاقة تعاون بناءّ ومستمر، وهذا ما رسخناه في الأمانة العامة منذ السنة الأولى على انطلاق عملنا وبشكل مؤسسي، حيث وقعنا مع المؤسسة مذكرة تفاهم في ديسمبر من عام 2013 لتكون الإطار الذي ينظم أواصر التنسيق والتعاون المشترك بين الطرفين فيما يتعلق بترسيخ مبادئ حقوق الإنسان، وتبادل الخبرة في هذا المجال، والعمل على تعزيزها وتشجيعها ونشرها، وتوفير التسهيلات التي من شأنها المساهمة في تحقيق الأغراض التي يسعي الطرفان إلى تحقيقها، كما هدفت مذكرة التفاهم تلك إلى تفعيل التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بتلقي الشكاوى الماسة بحقوق الإنسان، وتفعيل التعاون من أجل نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتوعية أفراد المجتمع من خلال إقامة المؤتمرات والندوات، وورش العمل، وإعداد البرامج التدريبية المتعلقة بحقوق الإنسان، أما على الصعيد العملي فإن قنوات الاتصال بين الأمانة والمؤسسة لا تتوقف فيما يتعلق بما يرد للمؤسسة من شكاوى وطلبات مساعدة تقوم بتحويلها إلى أمانة التظلمات لأنها تدخل في نطاق اختصاصاتها ومن ثم تعود الأمانة وتبلغ المؤسسة بنتائج التحقيقات في هذه الشكاوى والطلبات وما تم بشأنها، بجانب التعاون بين الطرفين في الرد على بعض الاستفسارات التي ترد من منظمات دولية ومحلية بشأن موضوعات لها علاقة بالإطار الحقوقي وتدخل في نطاق مجالات عمل الأمانة العامة للتظلمات، وبالتالي يمكن القول بأن ثمار التعاون بين الأمانة والمؤسسة ليست محصورة في إنجازات أو مخرجات محددة بعينها وإنما هي دورة مستمر من التعاون الوظيفي بين الجانبين تمثل شكلاً من أشكال آلية العمل لدى كلتا المؤسستين من ناحية التظلمات المتلقات ونتائج التحقيق فيها وصولاً إلى إبلاغ أصحابها بتلك النتائج.
جريدة البلاد: راشد الغائب وحسن عبدالرسول