المصدر: المنامة - غازي الغريري التاريخ: 17 أغسطس 2013
رحب أمين عام التظلمات في البحرين نواف المعاودة بأي تعاون مشترك مع أي دولة خليجية تسعى للاستفادة من تجربة الأمانة العامة، وأشار إلى مدى ملاءمة مثل هذا النوع من الأجهزة الذي يتلقى الشكاوى بحق منتسبي وزارة الداخلية في حال ارتكب أحدهم لفعل أو سلوك مخالف للقانون في أي بلد آخر ينبع من مدى اتساقه مع الإطار القانوني والحقوقي والسياسي السائد في المجتمع.
وأكد المعاودة في حديثه لـ «البيان» أن الاستقلالية هي الركن المحوري في عمل الأمانة العامة للتظلمات والتي تنبع من الآليات والضمانات التي أكد عليها المرسوم الملكي بإنشائها والمتمثلة في استقلال ميزانيتها الخاصة واستقلال هيكلها الإداري والوظيفي، مما يصب في جهة تحقق مصداقيتها من أجل أن تكون بذلك مؤسسة احترافية ومهنية منضبطة هدفها الرئيس هو العمل على تحقيق التميز والكفاءة في مجال اختصاصاتها، وفيما يلي نص اللقاء:
بما أن تجربة البحرين في إنشاء أمانة عامة للتظلمات هي الأولى في الخليج، هل هناك تنسيق أو تعاون مع أي دولة خليجية تسعى لتطبيق تجربتكم؟
نحن نرحب بأي تعاون مشترك مع الأشقاء والأصدقاء وخاصة في أي دولة خليجية شقيقة، ومع أن تجربة الأمانة العامة للتظلمات في بدايتها إلا أن الاستعدادات المكثفة التي سبقت تدشينها راكمت خبرات كبيرة، خاصة من ناحية آليات عمل مثل هذا النوع من الأجهزة، وفي رأيي أن مدى ملاءمة مثل هذا النوع من الأجهزة في أي بلد آخر ينبع من مدى اتساقه مع الإطار القانوني والحقوقي والسياسي السائد في المجتمع، وبما أن البحرين تعيش حراكًا ديمقراطيًا وسياسيًا نشطًا بدأ منذ تدشين المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ أكثر من عقد من الزمان، فلم يكن من المستغرب إنشاء أجهزة ومؤسسات تعمل في هذه البيئة السياسية والحقوقية المتفاعلة، ومنها الأمانة العامة للتظلمات.
ما هي الحاجة التي استدعت إنشاء أمانة عامة للتظلمات في البحرين؟
جاء إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية في إطار تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وتحديدًا التوصية رقم 1717 والمتعلقة باستحداث وحدة منفصلة مستقلة داخل وزارة الداخلية على أن تشمل مهامها تلقي الشكاوى والمظالم مثلما هو الحال في بلدان مختلفة، وكذلك تنفيذ الفقرة (د) من التوصية رقم 1722 والمتعلقة بمراقبة السجون وأماكن التوقيف والاحتجاز.
استعدادات
ما هي الاستعدادات التي تمت من جانبكم والتي سبقت مرحلة تدشين الأمانة العامة للتظلمات؟
شهدت المرحلة السابقة لتدشين الأمانة العامة للتظلمات جهودًا كبيرة ومكثفة امتدت لأشهر عديدة ماضية شملت عملية التأسيس، سواء من الناحية الهيكلية أو من ناحية وضع برامج وآليات العمل، وفي هذا المجال تم الاطلاع على كثير من التجارب والنماذج الدولية المتميزة في عدة بلدان مثل بريطانيا وإيرلندا الشمالية وفرنسا ونيوزيلندا للاستفادة من الخبرات الدولية في مجال عمل الأمانة العامة للتظلمات ولاسيما وأنها الأولى من نوعها في المنطقة، كذلك تم العمل على توفير البنية المادية واللوجستية من خلال اختيار مقر مؤقت للأمانة العامة للتظلمات وإعداده ليكون مناسبًا لبدء مهام العمل الرسمية، ثم المرحلة الثالثة المتمثلة في تشكيل الهيكل الوظيفي، وإعداد برامج تدريبية متخصصة لأعضاء الأمانة العامة للتظلمات مع الرغبة في تقديم نموذج متميز من المهنية والاحترافية.
مرت الأمانة العامة للتظلمات بمرحلتين من حيث الاختصاصات والصلاحيات، الأولى بعد مرسوم إنشائها في 2012 والثانية بعد صدور مرسوم معدل هذه السنة فما هي أوجه التغير بين المرحلتين؟
المرحلة الأولى من تاريخ الأمانة العامة للتظلمات بدأت منذ صدور مرسوم إنشاء مكتب مستقل للتظلمات بوزارة الداخلية وهو المرسوم رقم 27 لسنة 2012م والذي صدر في فبراير 2012م تبعه مرسوم آخر بتعيين الأمين العام للتظلمات في أغسطس 2012م وتلك كانت مرحلة تأسيسية من عدة نواح منها الإدارية والوظيفية ووضع قواعد ولوائح العمل والاستفادة من التجارب الدولية في مجال عمل مكاتب التظلمات، أما المرحلة الحالية فقد بدأت مع صدور المرسوم رقم 35 لسنة 2013 م في مايو الماضي، والذي حوى كثيرًا من الجوانب الفنية والإدارية التي كانت ضرورية ومهمة في مسيرة عمل الأمانة العامة للتظلمات وانطلاقها نحو تحقيق الغايات والأهداف المرجوة من إنشائها، ويمكن إيجاز أهم تلك التعديلات من الناحية الإدارية .
حيث فصّل المرسوم الجديد الهيكل الإداري للأمانة العامة للتظلمات وما يشمله من إدارات وهي: إدارة شؤون التظلمات، إدارة مراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف، إدارة التعاون الدولي والتطوير، بالإضافة إلى إدارة الموارد البشرية والمالية، أما من الناحية المهنية فقد وسع المرسوم الجديد من مهام واختصاصات الأمانة العامة للتظلمات بشكل أعطى لها صلاحيات أكبر ومكنها من تعزيز دورها من أجل تحقيق الأهداف الرئيسية المرجوة من إنشائها.
خطوات إجرائية
ما هي الخطوات الإجرائية والفنية لمسار عمل الأمانة العامة للتظلمات؟
تمارس الأمانة العامة للتظلمات صلاحياتها ومهامها باستقلال تام فيما يتعلق بالشكاوى المقدمة إليها والقرارات المرتبطة بها ولها في سبيل ذلك سلطات التوجيه والإشراف والرقابة على إدارة التدقيق والتحريات الداخلية بوزارة الداخلية والمنوط بها تلقى الشكاوى المتعلقة بأي فعل مؤثم من أي نوع من أي من منتسبي قوات الأمن العام بمناسبة أو أثناء أو بسبب ممارستهم لاختصاصاتهم، وتختص الأمانة العامة للتظلمات بفحص الشكاوى الأكثر خطورة مثل: الوفاة، الإصابة الجسدية، سوء المعاملة الجسيمة، كما أنها تنظر في التظلمات من قرارات إدارة التدقيق والتحريات الداخلية.
وتقوم بإبلاغ الجهة المختصة بوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين من منتسبي الوزارة أو إبلاغ النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات الجنائية في الحالات التي تشكل جريمة جنائية، مع إبلاغ صاحب الشكوى والمشكو في حقه ببيان يتضمن الخطوات المتخذة لفحص الشكاوى والنتائج التي خلص إليها، أما بالنسبة لمهمة مراقبة السجون ومراكز التوقيف، فهناك آليات للتأكد من توافر الشروط والمعايير القياسية المطلوبة مثل: التأكد من المعاملة الإنسانية، وملاءمة مكان الحبس أو التوقيف، وتوافر الاحتياجات الأساسية والرعاية الصحية للنزلاء، وفي حال اكتشاف خلل أو تجاوز يتم التعامل معه بحسب طبيعته إما من خلال تقديم توصيات لتحسين ظروف معينة بمكان الحبس أو التوقيف، أو في حال وجود تعد أو انتهاك لحقوق أي سجين أو موقوف فإنه يتم التعامل مع هذه الحالة باعتبارها فعلاً مؤثماً يستوجب مساءلة المسؤولين عن هذا التعدي أو الانتهاك.
آليات التظلم
كيف تتعامل الأمانة مع الشكاوى التي يتم تقديمها على رجال الأمن من قبل المواطنين؟
هناك آليات محددة وواضحة تحكم طبيعة ومهام الأمانة العامة للتظلمات، وهذه الآليات محددة طبقًا لما ورد في مرسومي إنشائها وهما المرسوم 27 لسنة 2012 والمرسوم 35 لسنة 2013، وبالنسبة لآلية التعامل مع الشكاوى فهي تتبع نظام الدرجتين، فالدرجة الأولى يتم فيها التعامل مع الشكاوى من خلال إدارة التدقيق والتحريات الداخلية بوزارة الداخلية، حيث يتواجد ممثلوها في كافة المديريات الأمنية للشرطة في المحافظات كافة لتلقى الشكاوى بحق منتسبي قوات الأمن العام، أما الدرجة الثانية فتتمثل في الأمانة العامة للتظلمات التي تتعامل مع الشكاوى الأكثر خطورة .
وكذلك الشكاوى المقدمة بحق منتسبي الوزارة من الموظفين المدنيين، وفي كل الأحوال وبعد الوصول إلى رأي نهائي في الشكاوى التي تنظرها الأمانة العامة للتظلمات، تقوم بإبلاغ الجهة المختصة بوزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق المخالفين من منتسبي قوات الأمن العام أو إبلاغ النيابة العامة في الحالات التي تشكل جريمة جنائية، مع إبلاغ صاحب الشكوى والمشكو في حقه ببيان يتضمن الخطوات المتخذة لفحص الشكاوى والنتائج التي خلص إليها.
استقلالية
هل للأمانة العامة الحرية والاستقلالية في عملها دون أية تدخلات من أي جهة بالدولة؟
بدايةً أود أن أشير إلى أن الأركان الخمسة التي تمثل شعار الأمانة العامة للتظلمات وهي: الاستقلالية والمصداقية والحيادية وضمان المساءلة والشفافية، وهي المبادئ الأساسية التي بنُيت عليها الأمانة العامة للتظلمات، وشكلت طبيعة المهام والأدوار التي تقوم بها، وتعد الاستقلالية هي الركن المحوري في عمل الأمانة العامة للتظلمات والتي تنبع من الآليات والضمانات التي أكد عليها مرسوم إنشائها، والمتمثلة في استقلال ميزانيتها الخاصة، واستقلال هيكلها الإداري وهيكلها الوظيفي، مما يصب في جهة تحقق مصداقيتها، من أجل أن تكون بذلك مؤسسة احترافية ومهنية منضبطة هدفها الرئيس هو العمل على تحقيق التميز والكفاءة في مجال اختصاصاتها.
هل قمتكم بالاطلاع على تجارب دولية للاستفادة منها في عمل الأمانة العامة للتظلمات؟
نعم، فطيلة الشهور الماضية لم تتوقف عملية التواصل مع بعض المؤسسات والهيئات الدولية ذات الصلة بعمل الأمانة العامة للتظلمات، كم تم تنظيم العديد من الزيارات الخارجية للاطلاع على التجارب الدولية في هذا المجال، فعلى سبيل المثال قام وفد من الأمانة للتظلمات بجولة عمل خارجية خلال يناير الماضي شملت كلاً من المملكة المتحدة وفرنسا، وجاءت كذلك للتعريف بمهام واختصاصات الأمانة العامة أمام الأجهزة والمؤسسات المشابهة في تلك الدول، حيث بدأ الوفد جولته الخارجية بزيارة إلى إيرلندا الشمالية واجتمع فيها مع العديد من المسؤولين في مكاتب أمناء المظالم والأجهزة الأخرى ذات الصلة وتم خلال تلك المقابلات الاطلاع على تجربة إيرلندا الشمالية في مجالي تظلمات الشرطة وتظلمات السجون، ومعرفة آلية عمل الأجهزة المختصة في تلك المجالات.
تعريف
الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية في البحرين هي جهاز مستقل إداريًا وماليًا تقوم بمهمتين رئيسيتين الأولى وهي تلقي الشكاوى بحق منتسبي وزارة الداخلية في حال ارتكب أحدهم لفعل أو سلوك مؤثم مخالف للقوانين أو لمدونة سلوك الشرطة أو اللوائح الإدارية التي تحكم عمل الموظفين المدنيين بالوزارة، والثانية هي مراقبة السجون ومراكز التوقيف والاحتجاز للتأكد من قانونية الحبس أو التوقيف، وعدم تعرض النزلاء للتعذيب أو للمعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، وذلك تبعًا للمعايير القانونية المحلية والمعاهدات الدولية المعتمدة في مملكة البحرين فيما يتعلق بظروف التوقيف ومعاملة الموقوفين والسجناء.